الْعَامِلُ الْغَاصِبُ ثُمَّ أَتَى الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْمَتَاعُ فَطَلَبَ مَا غُصِبَ فَهَلْ يَكُونُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِمَالِهِ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا إنْ شَاءَ مِنْ الْآمِرِ وَإِنْ شَاءَ مِنْ الْمَأْمُورِ، فَقَالَ: نَعَمْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِمَالِهِ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا قِيلَ لَهُ فَإِنْ أَخَذَ مَالَهُ مِنْ الَّذِي أُكْرِهَ عَلَى الدُّخُولِ هَلْ يَرْجِعُ هَذَا الَّذِي غَرِمَ عَلَى الْعَامِلِ الَّذِي أَكْرَهَهُ عَلَى الدُّخُولِ، فَقَالَ: نَعَمْ. قِيلَ لَهُ: فَإِنْ عَزَلَ الْأَمِيرُ الْغَاصِبَ وَغَابَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْمَتَاعُ فَقَامَ هَذَا الْمَكْرُوهُ عَلَى الدُّخُولِ فِي بَيْتِ الرَّجُلِ عَلَى الْأَمِيرِ الْغَاصِبِ لِهَذَا الْمَتَاعِ لِيُغَرِّمَهُ إيَّاهُ وَيَقُولَ أَنَا الْمَأْخُوذُ بِهِ إذَا جَاءَ صَاحِبُهُ هَلْ يُعَدَّى عَلَيْهِ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ رُشْدٍ: هَذَا كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَى الْأَفْعَالِ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا حَقٌّ لِمَخْلُوقٍ كَالْقَتْلِ وَالْغَصْبِ لَا يَصِحُّ بِإِجْمَاعٍ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ فِيمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقٌّ لِمَخْلُوقٍ مِنْ الْأَقْوَالِ بِاتِّفَاقٍ وَمِنْ الْأَفْعَالِ عَلَى اخْتِلَافٍ وَقَدْ مَضَى تَحْصِيلُ الْقَوْلِ فِي هَذَا فِي رَسْمِ حَمَلَ صَبِيًّا مِنْ سَمَاع عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ وَأَمَّا قَوْلُهُ بِأَنَّهُ يَقْضِي لِلْمُكْرَهِ عَلَى الدُّخُولِ فِي بَيْتِ الرَّجُلِ الْعَامِلِ بِالْمَالِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَأْخُوذُ بِهِ فَفِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي يُوجِبُهُ النَّظَرُ أَنْ يَقْضِيَ لَهُ بِتَغْرِيمِهِ إيَّاهُ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْهُ وَيُوقَفُ لِصَاحِبِهِ، انْتَهَى. وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَبِلَهُ، وَكَذَلِكَ ابْنُ عَرَفَةَ لَكِنْ قَالَ إثْرَهُ (قُلْتُ) الْأَظْهَرُ تَمْكِينُهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ هَلَكَ فِي الْوَقْتِ لَضَمِنَهُ؛ لِأَنَّهُ عَلَى حُكْمِ الْغَصْبِ بَاقٍ، انْتَهَى. وَأَمَّا قَوْلُهُ إنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَى الْأَفْعَالِ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا حَقٌّ لِمَخْلُوقٍ كَالْغَصْبِ وَالْقَتْلِ لَا يَصِحُّ بِإِجْمَاعٍ فَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ فِيهِ الْخِلَافُ حَسْبَمَا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ وَقَالُوا أَيْضًا فِي بَابِ الْحَمَالَةِ إذَا أَرَادَ الْحَمِيلُ أَخْذَ الْحَقِّ بَعْدَ مَحَلِّهِ وَالطَّالِبُ غَائِبٌ وَقَالَ: أَخَافُ أَنْ يُفْلِسَ وَهُوَ مِمَّنْ يُخَافُ عَدَمُهُ قَبْلَ قُدُومِ الطَّالِبِ أَوْ لَا يُخَافُ إلَّا أَنَّهُ كَثِيرُ اللَّدَدِ وَالْمَطْلِ مُكِّنَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْحَمِيلُ أَمِينًا أَقَرَّ عِنْدَهُ وَإِلَّا أَرْدَعَ لِبَرَاءَةِ الْحَمِيلِ وَالْغَرِيمِ، انْتَهَى. مِنْ الذَّخِيرَةِ وَذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ وَغَيْرِهِ. وَمِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي الْمُرْتَهِنُ يُثْبِتُ مِلْكَ الرَّاهِنِ لِيَبِيعَهُ وَيَسْتَوْفِيَ مِنْهُ حَقَّهُ، وَزَوْجَةُ الْغَائِبِ وَغُرَمَاؤُهُ يُثْبِتُونَ مَالَهُ لِيُبَاعَ لَهُمْ وَيَسْتَوْفُونَ حَقَّهُمْ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَحْكُمُ لِلْمُرْتَهِنِ بِبَيْعِ الرَّهْنِ حَتَّى يُثْبِتَ عِنْدَهُ الدَّيْنَ وَالرَّهْنَ وَمِلْكَ الرَّاهِنِ لَهُ وَيُحَلِّفُهُ مَعَ ذَلِكَ أَنَّهُ مَا وَهَبَ دَيْنَهُ وَلَا قَبَضَهُ وَلَا أَحَالَ بِهِ وَأَنَّهُ لَبَاقٍ عَلَيْهِ إلَى حِينِ قِيَامِهِ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي بَابِ النَّفَقَاتِ: وَإِنْ كَانَ لِلزَّوْجِ وَدَائِعُ وَدُيُونٌ فَرَضَ لِلزَّوْجَةِ نَفَقَتَهَا فِي ذَلِكَ وَلَهَا أَنْ تُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَنْ جَحَدَ مِنْ غُرَمَائِهِ أَنَّ لِزَوْجِهَا عَلَيْهِمْ دَيْنًا وَيُقْضَى عَلَيْهِمْ بِنَفَقَتِهَا، ثُمَّ قَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَبِيعُ الدَّارَ حَتَّى يُكَلِّفَ الْمَرْأَةَ إثْبَاتَ مِلْكِيَّةِ الزَّوْجِ لَهَا وَتَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ بِأَنَّ الدَّارَ لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ فِي عِلْمِهِمْ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ مَسْأَلَةِ: مَنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ بِيَدِهِ، فَقَالَ: هُوَ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ عَنْ الْمَازِرِيِّ مَا نَصُّهُ: فَإِنْ زَعَمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ الدَّارَ رَهْنٌ فِي يَدَيْهِ فَالتَّحْقِيقُ يَقْتَضِي أَنْ يُمَكَّنَ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ أَنَّهَا لِلْغَائِبِ حِينَئِذٍ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي كِتَابِ الرُّهُونِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَأَمَّا مَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَالْمُرْتَهِنُ يَضْمَنُهُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى هَلَاكِهِ مِنْ غَيْرِ سَبَبِهِ وَإِنَّمَا هُوَ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ أَوْ بِتَعَدِّي أَجْنَبِيٍّ فَذَلِكَ مِنْ الرَّاهِنِ وَلَهُ طَلَبُ الْجَانِي، وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ: وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ لَهُمَا؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ أَرْجَحُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُ وَأَمَّا الْمُرْتَهِنُ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الْوَثِيقَةُ فَإِذَا لَمْ يَطْلُبْهُ الرَّاهِنُ كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ طَلَبُهُ بِحَقِّ وَثِيقَةٍ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي أَوَاخِرِ بَابِ الْإِجَارَةِ مِنْ الْجَوَاهِرِ فِيمَا إذَا غُصِبَتْ الدَّارُ الْمُسْتَأْجَرَةُ: وَلَوْ أَقَرَّ الْمُكْرِي لِلْغَاصِبِ بِالرَّقَبَةِ قَبْلَ إقْرَارِهِ فِي الرَّقَبَةِ وَلَا يَفُوتُ حَقُّ الْمَنْفَعَةِ تَبَعًا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بَلْ لَهُ مُخَاصَمَةُ الْغَاصِبِ لِأَجْلِ حَقِّهِ فِي الْمَنْفَعَةِ، انْتَهَى. وَمِنْ الْقِسْمِ الثَّالِثِ الْمُودِعُ وَالْوَكِيلُ عَلَى شَيْءٍ مَخْصُوصٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ فِي كِتَابِ الْوَدِيعَةِ الْفَرْعِ الثَّامِنِ، قَالَ صَاحِبُ الْإِشْرَاقِ: إذَا سُرِقَتْ الْوَدِيعَةُ لَيْسَ لِلْمُودِعِ مُخَاصَمَةُ السَّارِقِ إلَّا بِتَوْكِيلٍ مِنْك وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَهُ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْخُصُومَةَ فِي الْأَمْلَاكِ لِلْمُلَّاكِ وَمَنْ لَيْسَ مَالِكًا فَلَا خُصُومَةَ لَهُ