بِلَادِ الشَّحْرِ مِنْ الْيَمَنِ تَزَوَّجَهَا رَجُلٌ مَغْرِبِيٌّ ثُمَّ سَافَرَ عَنْهَا إلَى جِهَةِ مِصْرَ وَلَمْ يَتْرُكْ لَهَا نَفَقَةً وَلَا مَا تُنْفِقُ عَلَيْهِ وَكُتِبَ إلَيْهِ فَلَمْ يُطَلِّقْ وَلَمْ يُرْسِلْ بِنَفَقَةٍ وَلَيْسَ بِبَلَدِهَا مَنْ يُطَلِّقُ عَلَيْهِ لِكَوْنِهَا بِنْتَ قَاضِي ذَلِكَ الْبَلَدِ فَهَلْ لِقَاضِي مَكَّةَ أَنْ يُطَلِّقَ عَلَيْهِ فَأَجَابَ الْقَاضِي أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ أَبِي السَّعَادَاتِ الْأَنْصَارِيُّ الْمَالِكِيُّ بِأَنْ لَمْ يَرَ الْحُكْمَ عَلَى الْغَائِبِ أَنْ يَحْكُمَ بِالْفَسْخِ وَتُمَكَّنُ الْمَرْأَةُ مِنْ إيقَاعِ طَلْقَةٍ بَعْدَ إثْبَاتِ الْفُصُولِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي ذَلِكَ شَرْعًا إذَا حَضَرَتْ الْمَرْأَةُ الْمَذْكُورَةُ أَوْ وَكِيلُهَا وَيَكْتُبُ الْحَاكِمُ لِعُدُولِ بَلَدِهَا بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ وَيَأْمُرُهُمْ بِتَحْلِيفِهَا وَتَمْكِينِهَا مِنْ إيقَاعِ طَلْقَةٍ عَلَيْهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَهَلْ يُرَاعَى حَيْثُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبِهِ عُمِلَ أَوْ الْمُدَّعِي وَأُقِيمَ مِنْهَا)

ش: هَذَا نَحْوُ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: إنْ كَانَ لَهُ بِالْبَلَدِ مَالٌ أَوْ حَمِيلٌ إلَى آخِرِهِ، وَعَلَيْهِ شَرَحَهُ الشُّرَّاحُ وَاَلَّذِي فِي تَبْصِرَةِ ابْنِ فَرْحُونٍ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ الشَّيْءُ الْمُدَّعَى فِيهِ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: إنَّمَا الْخُصُومَةُ حَيْثُ الْمُدَّعَى فِيهِ، وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ حَيْثُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ لَمَّا ذَكَرَ بَعْضَ الْكَلَامِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الشُّفْعَةِ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا كَانَتْ الدَّارُ غَائِبَةً وَالشَّفِيعُ وَالْمُشْتَرِي حَاضِرَانِ، قَالَ: وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْأُصُولِ وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَمِ فَحَيْثُ لَقِيَ الطَّالِبُ الْمَطْلُوبَ، اُنْظُرْ نَوَازِلَ سَحْنُونٍ، انْتَهَى. وَانْظُرْ أَحْكَامَ ابْنِ سَهْلٍ فِي الْجُزْءِ الثَّانِي مِنْ الْأَقْضِيَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَفِي تَمْكِينِ الدَّعْوَى لِغَائِبٍ بِلَا وَكَالَةٍ تَرَدُّدٌ)

ش: أَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ إلَى الْخِلَافِ فِي الطُّرُقِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي التَّوْضِيحِ وَذَكَرَهَا ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ اهـ (تَنْبِيهٌ) هَذَا الْخِلَافُ فِي الدَّعْوَى مِمَّنْ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالشَّيْءِ الْمُدَّعَى فِيهِ بِإِذْنٍ مِنْ صَاحِبِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ مَنْ لَهُ فِيهِ تَعْلِيقٌ لِاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ مِنْهُ فَهَلْ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِذَلِكَ أَمْ لَا؟ لَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ كَلَامًا شَافِيًا وَاَلَّذِي تَقْتَضِيهِ نُصُوصُ الْمَذْهَبِ الْآتِي ذِكْرُهَا أَنْ تُلَخَّصَ قَاعِدَةٌ مِنْ ذَلِكَ وَتُجْعَلُ الْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ وَهِيَ أَنَّ هَذَا الْمُدَّعِيَ إنْ تَعَلَّقَ بِهِ الشَّيْءُ الْمُدَّعَى فِيهِ وَدَخَلَ فِي ضَمَانِهِ وَهُوَ مُطَالَبٌ بِهِ فَلَهُ الْمُخَاصَمَةُ فِيهِ وَالدَّعْوَى وَإِثْبَاتُ مِلْكِ الْغَائِبِ وَتَسَلُّمُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ضَمَانِهِ فَإِمَّا أَنْ يُرِيدَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْ ذَلِكَ الْمُدَّعَى فِيهِ شَيْئًا لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمَالِكِ الْغَائِبِ أَمْ لَا فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ جَازَ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ وَيُثْبِتَ مِلْكَ الْغَائِبِ أَيْضًا وَإِلَّا لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ الدَّعْوَى فَمِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ الْغَاصِبُ إذَا غَصَبَهُ غَاصِبٌ آخَرُ وَالْمُسْتَعِيرُ إذَا كَانَ الشَّيْءُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَالْمُرْتَهِنُ كَذَلِكَ وَالْحَمِيلُ كَذَلِكَ قَالَ فِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ مِنْ كِتَابِ الْغَصْبِ سُئِلَ سَحْنُونٌ عَنْ رَجُلٍ مِنْ الْعُمَّالِ أَكْرَهَ رَجُلًا أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَ رَجُلٍ يُخْرِجُ مِنْهُ مَتَاعَهُ يَدْفَعُهُ إلَيْهِ فَأَخْرَجَ لَهُ مَا أَمَرَهُ بِهِ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ ثُمَّ عُزِلَ ذَلِكَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015