الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ عَزَلَهُ وَأَنْ يُعْذِرَ إلَيْهِ فِيمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِالْمَعْنَى الَّذِي أَوْجَبَ عَزْلَهُ إذْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْزِلَهُ إلَّا بِأَمْرٍ يَثْبُتُ عَلَيْهِ عِنْدَهُ وَأَمَّا إنْ عَزَلَهُ الَّذِي وَلَّاهُ فَإِنْ كَانَ عَزْلُهُ بِأَمْرٍ رَآهُ بِاجْتِهَادِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُعْلِمَهُ بِهِ وَإِنْ كَانَ عَزْلُهُ لِجُرْحَةٍ ثَبَتَتْ عِنْدَهُ عَلَيْهِ فَمِنْ حَقِّهِ أَنْ يَعْتَذِرَ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَإِنْ عَزَلَ الْوَصِيُّ نَفْسَهُ عَنْ النَّظَرِ لِلْيَتِيمِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا مِنْ عُذْرٍ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلْيَتِيمِ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ، انْتَهَى. وَذَكَرَ فِيهِ فِي أَوَائِلِ الْأَقْضِيَةِ عَزَلَ الْقَاضِي مَنْ قَدَّمَهُ غَيْرَهُ مِنْ قَاضٍ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ وَعَزَلَ نَفْسَهُ.
ص (وَتَحْكِيمِ غَيْرِ خَصْمِ)
ش: قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: فَلَوْ حَكَّمَ خَصْمَهُ فَثَالِثُهَا يَمْضِي مَا لَمْ يَكُنْ الْمُحَكِّمُ الْقَاضِيَ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: هَذِهِ الْأَقْوَالُ صَحِيحَةٌ حَكَاهَا غَيْرُ وَاحِدٍ وَأَشَارَ بَعْضُهُمْ أَوْ صَرَّحَ بِنَفْيِ الْخِلَافِ فِي أَنَّ حُكْمَهُ غَيْرُ مَاضٍ وَحَكَى بَعْضُهُمْ إنَّهُ يَمْضِي لَكِنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ إلَى نَفْيِ الْخِلَافِ، انْتَهَى. وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَجَزَمَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ بِالْجَوَازِ فَقَالَ: مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا حَكَّمَ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ صَاحِبَهُ فَحَكَمَ لِنَفْسِهِ أَوْ عَلَيْهَا جَازَ وَمَضَى مَا لَمْ يَكُنْ جَوْرًا بَيِّنًا وَلَيْسَ تَحْكِيمُ الشَّخْصِ خَصْمَهُ كَتَحْكِيمِ خَصْمِ الْقَاضِي، قَالَ أَصْبَغُ: لَا أُحِبُّ ذَلِكَ فَإِنْ وَقَعَ مَضَى وَلْيَذْكُرْ فِي حُكْمِهِ رِضَاهُ بِالتَّحَاكُمِ إلَيْهِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ حُكْمُهُ لِنَفْسِهِ وَقِيلَ يَجُوزُ، انْتَهَى. فَتَأَمَّلْهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ هَذَا بَعْدَ الْوُقُوعِ وَانْظُرْ هَلْ يَجُوزُ ابْتِدَاءً وَانْظُرْ قَوْلَ ابْنِ فَرْحُونٍ جَازَ وَمَضَى هَلْ مَعْنَاهُ جَازَ ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَالنُّزُولِ فَتَأَمَّلْهُ
ص (وَجَاهِلٍ)
ش: قَالَ فِي التَّوْضِيحِ، قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ وَأَشَارَ الْمَازِرِيُّ وَاللَّخْمِيُّ إلَى أَنَّ الْجَاهِلَ يَتَّفِقُ عَلَى بُطْلَانِ حُكْمِهِ؛ لِأَنَّ تَحْكِيمَهُ خَطَرٌ وَغَرَرٌ، ثُمَّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَنَصَّ اللَّخْمِيُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ حُكْمُ الْمُحَكِّمِ إذَا كَانَ مَالِكِيًّا وَالْخَصْمَانِ كَذَلِكَ إذَا خَرَجَ عَنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بِاجْتِهَادِهِ عَنْ ذَلِكَ لَزِمَ، انْتَهَى. وَفِي التَّبْصِرَةِ لِابْنِ فَرْحُونٍ إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَنْقُضَ حُكْمَهُ وَإِنْ خَالَفَ مَذْهَبَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَوْرًا بَيِّنًا لَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِ أَهْلُ الْعِلْمِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: إنَّمَا يَجُوزُ التَّحْكِيمُ إذَا كَانَ الْمُحَكِّمُ عَدْلًا مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ أَوْ عَامِّيًّا وَاسْتَرْشَدَ الْعُلَمَاءُ فَإِنْ حَكَمَ وَلَمْ يَسْتَرْشِدْ رُدَّ وَإِنْ وَافَقَ قَوْلَ قَائِلٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَخَاطُرٌ مِنْهُمَا وَقَالَ الْمَازِرِيُّ: لَا يُحَكَّمُ إلَّا مَنْ يَصِحُّ أَنْ يُوَلَّى الْقَضَاءَ، قَالَ: فَإِذَا كَانَ الْمُحَكِّمُ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ مَالِكِيًّا وَلَمْ يَخْرُجْ بِاجْتِهَادِهِ عَنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ لَزِمَ حُكْمُهُ وَإِنْ خَرَجَ لَمْ يَلْزَمْ إذَا كَانَ الْخَصْمَانِ مَالِكِيَّيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُحَكِّمَاهُ عَلَى أَنْ يُخَرِّجَ عَنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَا شَافِعِيَّيْنِ أَوْ حَنَفِيَّيْنِ وَحَكَّمَاهُ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْ حُكْمُهُ إنْ حَكَمَ بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ ذَلِكَ، انْتَهَى. فَتَأَمَّلْ آخِرَ كَلَامِهِ مَعَ أَوَّلِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَخِيرَ مُقَيِّدٌ لِلْأَوَّلِ وَظَاهِرُهُ قَوْلُهُ إذَا كَانَ مَالِكِيًّا وَلَمْ يُخَرِّجْ عَنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ لَزِمَ حُكْمُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْخَصْمَانِ كَذَلِكَ أَمْ لَا وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ إذَا كَانَ الْخَصْمَانِ مَالِكِيَّيْنِ أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا شَافِعِيَّيْنِ وَحَكَمَ