بِفَتْحِهَا وَظَاهِرُهُ الْإِطْلَاقُ فَيَتَنَاوَلُ الْإِمَامَ وَالْأَمِيرَ وَالْقَاضِيَ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا عَدَا الْقَاضِي وَنَائِبِهِ فَإِنَّ نَائِبَ الْقَاضِي يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ الْقَاضِي نَصَّ عَلَيْهِ مُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ وَابْنُ حَبِيبٍ ابْنُ رُشْدٍ وَلَا أَعْلَمُهُمْ اخْتَلَفُوا فِيهِ قِيلَ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ الْمُتَقَدِّمِينَ وَإِلَّا فَقَدْ نَقَلَ ابْنُ الْعَطَّارِ الْخِلَافَ عَنْ فُقَهَاءِ زَمَانِهِ فِي مَوْتِ الْإِمَامِ وَجَعَلُوا مِثْلَهُ مُقَدَّمَ الْقَاضِي لِلنَّظَرِ عَلَى الْأَيْتَامِ، انْتَهَى. وَانْظُرْ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مَعَ مَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ وَنَصُّهُ: الْمُتَيْطِيِّ وَلَا يَنْعَزِلُ مُقَدَّمُ الْقَاضِي عَنْ يَتِيمٍ بِمَوْتِهِ أَوْ عَزْلِهِ وَلَا خِلَافَ فِيهِ ابْنُ الْعَطَّارِ اخْتَلَفَ فِيهَا فُقَهَاؤُنَا وَلِذَا اسْتَحْسَنُوا ذِكْرَ إمْضَاءِ الثَّانِي تَقْدِيمَهُ، انْتَهَى.

وَنَصُّ الْمُتَيْطِيَّةِ لَمَّا أَنْ تَكَلَّمَ عَلَى تَقْدِيمِ الْقَاضِي نَاظِرُ الْأَحْبَاسِ وَإِذَا مَاتَ الْقَاضِي الْمُقَدَّمُ لَهُ أَوْ عُزِلَ فَتَقْدِيمُهُ تَامُّ حَتَّى يَنْقُضَهُ الْوَالِي الَّذِي بَعْدَهُ لِعِلَّةٍ مَا إمَّا لِاسْتِغْنَاءٍ أَوْ لِرِيبَةٍ تَظْهَرُ مِنْ الْمُقَدَّمِ وَلَيْسَ يَحْتَاجُ أَنْ يَقُولَ فِيمَا يَدْفَعُهُ مِنْ النَّفَقَاتِ وَغَيْرِهَا قَبْلَ أَنْ يَعْزِلَ الْوَالِي الثَّانِي أَنَّ الْوَالِيَ أَمْضَاهُ إذْ لَيْسَ يَنْفَسِخُ تَقْدِيمُ قَاضٍ بِمَوْتِهِ وَلَا عَزْلِهِ حَتَّى يَنْقُضَهُ الْوَالِي بَعْدَهُ وَبِهِ صَرَّحَ عَنْ فَسْخِهِ وَعَزْلِهِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ الْمُفْتِيَ أَوْ الْمَعْزُولَ قَدَّمَهُ فِي وَقْتٍ يَجُوزُ لَهُ فِيهِ التَّقْدِيمُ فَذَلِكَ عَلَى التَّمَامِ حَتَّى يَنْقُضَهُ الْوَالِي بَعْدَهُ لِعِلَّةٍ مَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَتَقْدِيمُهُ مِنْ نَظَرِ أَحْكَامِهِ الَّتِي لَا تُنْقَضُ بِمَوْتِهِ وَلَا بِعَزْلِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا مَاتَ الْإِمَامُ الَّذِي تُؤَدَّى إلَيْهِ الطَّاعَةُ وَقَدْ قَدَّمَ قُضَاةً وَحُكَّامًا، فَأَقْضَيْتُهُمْ نَافِذَةٌ وَأَحْكَامُهُمْ جَائِزَةٌ فِيمَا بَيْنَ مَوْتِ الْأَوَّلِ وَقِيَامِ الثَّانِي وَكَذَا بَعْدَ قِيَامِهِ وَقَبْلَ أَنْ يُنَفِّذَ لَهُمْ الْوِلَايَةَ وَهُمْ بِمَنْزِلَةِ وُلَاةِ الْأَيْتَامِ يُقَدِّمُهُمْ الْقَاضِي ثُمَّ يَمُوتُ أَوْ يُعْزَلُ، فَتَقْدِيمُهُ لَهُمْ مَاضٍ وَفِعْلُهُمْ جَائِزٌ وَلَا يَحْتَاجُ أَنْ يُمْضِيَهُ الْقَاضِي الَّذِي وَلِيَ بَعْدَهُ.

قَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ: وَنَزَلَتْ عِنْدَنَا وَاخْتَلَفَ فِيهَا فُقَهَاؤُنَا وَفِيهَا اخْتِلَافٌ، قَدْ قِيلَ إنَّ أَحْكَامَهُمْ فِي الْفَتْرَةِ غَيْرُ نَافِذَةٍ وَيُنْقَضُ مَا حَكَمُوا بِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْضِيَ الْإِمَامُ الْقَائِمُ تَقْدِيمَهُمْ وَوِلَايَتَهُمْ، قَالَ: وَتَنْعَقِدُ عِنْدَهُ عَلَى هَذَا الْمَذْهَبِ فِي أَمْرِ الْمُقَدَّمِينَ لِلْأَيْتَامِ أَنْ يَذْكُرَ إمْضَاءَ الْقَاضِي الثَّانِي لِلتَّقْدِيمِ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ وَيُوجَدُ هَذَا الْعَقْدُ فِي الْوَثَائِقِ الْقَدِيمَةِ وَلَمْ يَلْتَزِمْ الشُّيُوخُ قَدِيمًا عَقْدَهُ إلَّا لِلِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ فِيهِ فَيَخْرُجُ بِذِكْرِهِ مِنْ الْخِلَافِ، قَالَ: وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ فِي أَنَّ أَحْكَامَ الْحُكَّامِ نَافِذَةٌ قَبْلَ إمْضَاءِ الْإِمَامِ الْوَالِي لِوِلَايَتِهِمْ أَحْسَنُ، انْتَهَى.

فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَعِنْدِي أَنَّ مَا قَالُوهُ مِنْ انْعِزَالِ نَائِبِ الْقَاضِي بِمَوْتِ الْقَاضِي صَحِيحٌ إنْ كَانَ الْقَاضِي اسْتَنَابَهُ بِمُقْتَضَى الْوِلَايَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَأَمَّا إنْ اسْتَنَابَ رَجُلًا مُعَيَّنًا بِإِذْنِ الْإِمَامِ الْأَمِيرِ أَوْ الْخَلِيفَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْعَزِلَ ذَلِكَ النَّائِبُ بِمَوْتِ الْقَاضِي وَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِي النِّيَابَةِ إذْنًا مُطْلَقًا فَاخْتَارَ الْقَاضِي رَجُلًا فَفِي انْعِزَالِهِ بِمَوْتِ الْقَاضِي نَظَرٌ، انْتَهَى. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ نَائِبِ الْقَاضِي فِي انْعِزَالِهِ وَبَيْنَ نَائِبِ الْأَمِيرِ فِي عَدَمِ انْعِزَالِهِ وَقَدْ اسْتَشْكَلَهُ فَضْلٌ وَغَيْرُهُ، انْتَهَى.

وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي أَوَائِلِ النِّكَاحِ: وَسُئِلَ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ أَمِيرِ مَدِينَةٍ كَتَبَ إلَى الْأَمِيرِ الْأَعْلَى فِي تَقْدِيمِ قَاضٍ وَعَيَّنَ رَجُلًا فَكَتَبَ إلَيْهِ بِتَوْلِيَتِهِ فَفَعَلَ وَكَتَبَ لَهُ صَكًّا بِتَقْدِيمِهِ عَلَى أَمْرِ الْأَمِيرِ الْأَعْلَى فَحَكَمَ بِذَلِكَ ثُمَّ وَلَّى صَاحِبَ مُنَاكِحٍ فَحَكَمَ بِطُولِ حَيَاةِ الْقَاضِي وَهُوَ يَعْلَمُ الْأَمِيرَ فَمَاتَ الْقَاضِي وَبَقِيَ صَاحِبُ الْمَنَاكِحِ عَلَى خُطَّتِهِ وَطَرِيقَتِهِ مِنْ شَهَادَةِ الْفُقَهَاءِ عِنْدَهُ وَالْإِعْلَامِ بِذَلِكَ فِيمَا يَرْجِعُ لِلنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ فَهَلْ تُحْتَرَمُ أَحْكَامُهُ بَعْدَ مَوْتِ الْقَاضِي أَوْ تُفْسَخُ فَأَجَابَ لَا تُنْقَضُ أَحْكَامُهُ بِمَوْتِ الْقَاضِي وَهُوَ عَلَى خُطَّتِهِ حَتَّى يَعْزِلَهُ مَنْ وَلِي بَعْدَ الْأَوَّلِ، وَفِعْلُهُ جَائِزٌ صَحِيحٌ (قُلْتُ) ؛ لِأَنَّ مَنْ وَلَّى الْقَاضِي الْأَوَّلُ مُطَّلِعٌ عَلَى تَقْدِيمِ هَذَا فَكَأَنَّهُ قَدَّمَهُ، وَمِثْلُهُ مُقَدَّمُ الْقَاضِي عَلَى مَحْجُورِهِ إذَا عُزِلَ الْقَاضِي فَالْمُقَدَّمُ عَلَى حَالِهِ لَا يُغَيَّرُ؛ لِأَنَّ مَا فَعَلَهُ الْقَاضِي فِي غَيْرِهِ وَتَقَرَّرَ حُكْمُهُ فِيهِ فَإِنَّهُ مَاضٍ لَا يُغَيِّرُهُ عَزْلُهُ وَلَا مَوْتُهُ، انْتَهَى.

وَفِي مَسَائِلِ الْأَقْضِيَةِ مِنْ نَوَازِلِ ابْنِ رُشْدٍ وَمِنْ حَقِّ الْوَصِيِّ إذَا عَزَلَهُ غَيْرُ الَّذِي قَدَّمَهُ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُ الْقَاضِي الَّذِي عَزَلَهُ الْوَجْهَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015