لَفْظٌ عَامٌّ يَتَنَاوَلُ كُلَّ اسْتِخْلَافٍ سَوَاءٌ كَانَ اسْتِخْلَافًا عَلَى نَفْسِ الْقَضَاءِ وَالْحُكْمِ أَوْ اسْتِخْلَافًا عَلَى تَوْلِيَةِ وَظِيفَةِ الْقَضَاءِ وَالْحُكْمِ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ هُوَ الْغَالِبُ فِي الْفِعْلِ عُرْفًا وَكَوْنُهُ هُوَ الْغَالِبُ فِي الْفِعْلِ عُرْفًا لَا يُخَصِّصُ الْعَامَّ؛ لِأَنَّ الْمُخَصِّصَ لِلْعَامِّ هُوَ الْقَوْلُ لَا الْفِعْلُ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ مِنْ أُصُولِ الْفِقْهِ وَإِذَا تَقَرَّرَ عُمُومُهُ فَحَيْثُ فَوَّضَ الْإِمَامُ إلَى الْقَاضِي الْقَضَاءَ وَأَذِنَ لَهُ فِي الِاسْتِخْلَافِ كَانَ الْإِذْنُ الْمَذْكُورُ إذْنًا لَهُ فِي اسْتِخْلَافِ مَنْ يُبَاشِرُ الْقَضَاءَ وَالْحُكْمَ لِمَنْ يَصْلُحُ شَرْعًا فَإِذَا فَوَّضَ الْقَاضِي الْمَذْكُورُ لِإِنْسَانٍ مَا فَوَّضَهُ لَهُ السُّلْطَانُ مِنْ الْقَضَاءِ وَمِنْ الِاسْتِخْلَافِ الْمَذْكُورِ كَانَ هَذَا التَّفْوِيضُ مِنْ الْقَاضِي الْمَذْكُورِ لِذَلِكَ الْإِنْسَانِ فِي الْقَضَاءِ وَالِاسْتِخْلَافِ صَحِيحًا مَأْذُونًا لَهُ فِيهِ مِنْ السُّلْطَانِ فَإِذَا اسْتَخْلَفَ هَذَا الْإِنْسَانُ فِي وَظِيفَةِ الْقَضَاءِ مَنْ هُوَ أَهْلٌ لِذَلِكَ شَرْعًا كَانَ هَذَا الِاسْتِخْلَافُ صَحِيحًا مُعْتَبَرًا مَعْمُولًا بِهِ لِاسْتِنَادِهِ إلَى إذْنِ السُّلْطَانِ فَأَقْضِيَةُ هَذَا الْمُسْتَخْلَفِ الْأَخِيرِ الَّذِي اسْتَخْلَفَهُ ذَلِكَ الْإِنْسَانُ صَحِيحَةٌ وَأَحْكَامُهُ نَافِذَةٌ لَا يَجُوزُ التَّعَرُّضُ لَهَا بِنَقْضٍ وَلَا تَعَقُّبٍ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ، انْتَهَى جَوَابُهُ، وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ.
(فَرْعٌ) فِي اسْتِنَابَةِ الْقَاضِي بِغَيْرِ عَمَلِهِ، قَالَ الْبُرْزُلِيُّ: سَأَلْت شَيْخَنَا الْإِمَامَ عَنْ مَسْأَلَةٍ نَصُّهَا جَوَابُكُمْ فِي قَاضِي عِمَالَةٍ سَافَرَ إلَى غَيْرِهَا وَقَدْ كَانَ الْمَقَامُ الْعَالِي - أَسْمَاهُ اللَّهُ - أَذِنَ لَهُ فِي النِّيَابَةِ عَنْهُ فِي عِمَالَتِهِ بِخِلَالِ مَا يَرْجِعُ إلَيْهَا فَسَافَرَ الْقَاضِي الْمَذْكُورُ وَلَمْ يَسْتَنِبْ وَقَدْ كَانَ بَدَأَ الْحُكْمَ فِي قَضِيَّةِ تَدْمِيَةٍ بِشَهَادَةِ عُدُولٍ وَلَمْ يُكْمِلْهَا فَرَغِبَهُ بَعْدَ سَفَرِهِ الْمَذْكُورِ أَهْلُ الْقَضِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الِاسْتِنَابَةِ فِيهَا حَتَّى يُكْمِلَ فَهَلْ يَسُوغُ لَهُ ذَلِكَ فِي الْقَضِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَهُوَ بِغَيْرِ عِمَالَتِهِ لِاسْتِنَادِهِ إلَى مَا سَبَقَ لَهُ فِيهَا مِنْ إذْنِ الْإِمَامِ أَمْ لَا يَسُوغُ لَهُ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ كَحُكْمِهِ فِي غَيْرِ عَمَلِهِ، وَكَيْفَ إنْ سَوَّغْتُمْ لَهُ الْإِذْنَ فَهَلْ يَكْفِي خَطُّهُ لِمَنْ اسْتَنَابَهُ وَعَيَّنَهُ لِذَلِكَ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ فِي الِاسْتِنَابَةِ الْمَذْكُورَةِ بِغَيْرِ عِمَالَتِهِ؟ فَإِنْ اسْتَنَابَ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَقَدْ كَانَ شَهِدَ عِنْدَهُ الْعُدُولُ فِي التَّدْمِيَةِ الْمَذْكُورَةِ وَمِنْ فُصُولِهَا أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْمَيِّتَ الْمَذْكُورَ بَرِئَ مِنْ الْجُرْحِ الْمَذْكُورِ إلَى أَنْ مَاتَ فَشَهِدَ عِنْدَ النَّائِبِ عَنْهُ شُهُودُ اسْتِرْعَاءٍ زَكَّاهُمْ عُدُولٌ بِأَنَّ الْمَيِّتَ الْمَذْكُورَ مَاتَ عَنْ صِحَّةٍ بَيِّنَةٍ لَيْسَ مِنْ جُرْحٍ بِحَالٍ فَهَلْ يُعْمَلُ عَلَى هَذِهِ الثَّانِيَةِ لِكَوْنِهَا أَثْبَتَتْ غَيْرَ مَا ذَكَرَتْهُ الْأُولَى وَإِنْ كَانَتْ الْأُولَى أَعْدَلَ أَمْ لَا فَإِنْ عَمِلَ عَلَى الثَّانِيَةِ فَهَلْ يَلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَدَبٌ أَوْ يُسَرَّحُ وَإِنْ حُكِمَ بِأَدَبِهِ فَهَلْ يَكْفِي مَا مَضَى مِنْ سَجْنِهِ وَلَهُ الْيَوْمُ قَرِيبٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مَسْجُونٌ مُصَفَّدٌ فِي الْحَدِيدِ أَمْ لَا أَفْتِنَا بِالْجَوَابِ فِي ذَلِكَ. فَأَجَابَ: الِاسْتِنَابَةُ الْمَذْكُورَةُ صَحِيحَةٌ عَامِلَةٌ وَلَا يَدْخُلُهَا الْخِلَافُ الْحَاصِلُ مِنْ نَقْلِ ابْنِ سَهْلٍ؛ لِأَنَّ سَمَاعَ الْبَيِّنَةِ أَقْرَبُ لِلْحُكْمِ مِنْ مُجَرَّدِ الِاسْتِنَابَةِ وَيَقُومُ جَوَازُهَا مِنْ مَسْأَلَةِ الْعَرِيشِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَثُبُوتِ الْبَيِّنَةِ لِلْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَيَسْقُطُ حَدُّ الضَّرْبِ وَالسَّجْنِ وَتَقَدُّمُ حَبْسِهِ الْمَذْكُورِ يُسْقِطُ اسْتِئْنَافَ أَدَبِهِ وَيَكْفِي فِيهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، انْتَهَى جَوَابُهُ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الِاسْتِنَابَةَ أَخَفُّ مِنْ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ يَشْهَدُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ لِابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ يَكْفِي فِيهَا خَطُّ الْقَاضِي وَقَبُولُ قَوْلِهِ إنْ وَقَعَ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ يَقُومُ جَوَازُهَا مِنْ مَسْأَلَةِ الْعَرِيشِ هِيَ مَنْ اكْتَرَى دَابَّةً مِنْ رَجُلٍ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا دُهْنًا مِنْ مِصْرَ إلَى فِلَسْطِينَ فَغَرَّهُ مِنْهَا فَعَثَرَتْ بِالْعَرِيشِ ضَمِنَ قِيمَةَ الدُّهْنِ بِالْعَرِيشِ وَقَالَ غَيْرُهُ: قِيمَتُهُ بِمِصْرَ إنْ أَرَادَ؛ لِأَنَّهُ مِنْهَا تَعَدَّى (قُلْتُ) فَإِذَا اُعْتُبِرَ عَلَى قَوْلِ الْغَيْرِ مَحَلُّ الْإِذْنِ فَهَلْ مَحَلُّ الْقَاضِي هُنَا فَلَا يَسْتَنِيبُهَا؛ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَمَنْ اعْتَبَرَ مَا آلَ إلَيْهِ الْأَمْرُ وَهُوَ وُقُوعُ الْعُثُورِ فَيُنْظَرُ تَحْصِيلُهُ فَمَتَى مَا حَصَلَ رُتِّبَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ فَيَتَخَرَّجُ عَلَى هَذَا خِلَافًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ إعْمَالِ شَهَادَةِ الصِّحَّةِ هُوَ أَحَدُ الْأَقْوَالِ مِنْ مَسَائِلَ، مِنْهَا شَهَادَةُ الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ وَيَلِيهَا الْحُكْمُ لِلْأَعْدَلِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ مَا مَضَى يَكْفِي فِي أَدَبِهِ هُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ الْحَاجِّ عَلَى مَا يَأْتِي إذَا سَقَطَ الدَّمُ بِأَيِّ وَجْهٍ سَقَطَ فَيُؤَدَّبُ بِحَسَبِ