دُونَ بَعْضٍ وَفِي إقْرَارِهِ بِالدَّيْنِ لِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي الْمَرَضِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي جَوَازِ ذَلِكَ فِي الصِّحَّةِ فَمَرَّةً أَجَازَ ذَلِكَ وَمَرَّةً لَمْ يُجِزْهُ وَمَرَّةٌ فَرَّقَ فَأَجَازَ الرَّهْنَ وَالْقَضَاءَ وَلَمْ يُجِزْ الْإِقْرَارَ وَمَرَّةٌ أَجَازَ الْقَضَاءَ خَاصَّةً وَلَمْ يُجِزْ الرَّهْنَ وَلَا الْإِقْرَارَ وَأَمَّا إنْ أَقَرَّ أَنَّهُ اسْتَنْفَقَ اللُّقَطَةَ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَقُمْ بِذَلِكَ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ فَإِنْ كَانَ إقْرَارُهُ بِذَلِكَ فِي صِحَّتِهِ جَازَ ذَلِكَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ عَلَى وَرَثَتِهِ وَإِنْ كَانَ إقْرَارُهُ فِي مَرَضِهِ فَإِنْ كَانَ يُورَثُ بِوَلَدٍ جَازَ إقْرَارُهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإِنْ أَوْصَى أَنْ يُتَصَدَّقَ بِهَا عَنْ صَاحِبِهَا أَوْ تُوقَفَ لَهُ وَاخْتَلَفَ إنْ كَانَ يُورَثُ بِكَلَالَةٍ فَقِيلَ إنَّهُ إنْ أَوْصَى أَنْ تُوقَفَ وَتُحْبَسَ حَتَّى يَأْتِيَ صَاحِبُهَا جَازَتْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإِنْ أَوْصَى أَنْ يُتَصَدَّقَ بِهَا عَنْهُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَلَمْ تُخْرَجْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَا مِنْ الثُّلُثِ وَقِيلَ إنَّهُ يَكُونُ مِنْ الثُّلُثِ وَقِيلَ إنَّهُ إنْ كَانَتْ يَسِيرَةً جَازَتْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإِنْ كَانَتْ كَثِيرَةً لَمْ تَكُنْ فِي رَأْسِ الْمَالِ وَلَا ثُلُثٍ، انْتَهَى. وَفِي سَمَاعِ عَبْدِ الْمَلِكِ مِنْ ابْنِ وَهْبٍ، قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: سَأَلْت ابْنَ وَهْبٍ عَنْ اللُّقَطَةِ يَجِدُهَا الرَّجُلُ فَيَسْتَنْفِقُهَا بَعْدَ السَّنَةِ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءُ وَلَمْ يَأْتِ صَاحِبُهَا أَتَرَى أَنْ يُحَاصَّ بِهَا الْغُرَمَاءُ، قَالَ: نَعَمْ أَرَى لِلسُّلْطَانِ أَنْ يُحَاصَّ بِهَا الْغُرَمَاءَ وَسَأَلْت أَشْهَبَ، فَقَالَ لِي مِثْلَهُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ السُّلْطَانَ ابْنُ رُشْدٍ لَيْسَ سُكُوتُ أَشْهَبَ عَنْ ذِكْرِ السُّلْطَانِ فِي هَذَا مُخَالِفًا لِمَا قَالَهُ ابْنُ وَهْبٍ؛ لِأَنَّ السُّلْطَانَ هُوَ النَّاظِرُ فِيهَا لِصَاحِبِ اللُّقَطَةِ لِكَوْنِهِ فِي مَنْزِلَةِ الْغَائِبِ إذْ لَا يُعْرَفُ وَمَعْنَى ذَلِكَ إذَا عَلِمَ إقْرَارَهُ بِاسْتِنْفَاقِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إقْرَارُ الْمُفْلِسِ بَعْدَ التَّفْلِيسِ لِمُعَيَّنٍ مَعْلُومٍ فَكَيْفَ لِغَائِبٍ مَجْهُولٍ، انْتَهَى.
(مَسْأَلَةٌ) مِنْ كِتَابِ اللُّقَطَةِ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ دَخَلَ حَانُوتَ رَجُلٍ بَزَّازٍ لِيَشْتَرِيَ مِنْهُ ثَوْبًا ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ فَاتَّبَعَهُ صَاحِبُ الْحَانُوتِ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ هَذَا دِينَارٌ وَجَدْته فِي حَانُوتِي وَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيَّ الْيَوْمَ أَحَدٌ غَيْرُك فَعَمِدَ الرَّجُلُ فَافْتَقَدَ دِينَارًا مِنْهَا أَتَرَى أَنْ يَأْخُذَهُ، فَقَالَ مَالِكٌ: لَا أَدْرِي هُوَ أَعْلَمُ بِيَقِينِهِ إنْ اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ دِينَارُهُ فَلْيَأْخُذْهُ قِيلَ لَهُ التَّاجِرُ يَقُولُ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيَّ الْيَوْمَ غَيْرُك وَقَدْ افْتَقَدَ الرَّجُلُ مِنْ نَفَقَتِهِ دِينَارًا، قَالَ: إنْ اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ لَهُ فَلْيَأْخُذْهُ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: فِي قَوْلِهِ إنْ اسْتَيْقَنَ فَلْيَأْخُذْهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَأْخُذُهُ إلَّا إنْ اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ لَهُ بِزِيَادَةٍ عَلَى مَا ذَكَرَهُ يَحْصُلُ لَهُ بِهَا الْيَقِينُ أَنَّهُ لَهُ وَهَذَا عَلَى سَبِيلِ التَّوَرُّعِ، وَالنِّهَايَةُ فِيهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْتَرِضْهُ شَكٌّ فِي أَنَّهُ لَهُ فَأَخَذَهُ لَهُ سَائِغٌ حَلَالٌ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَهُ إذْ قَدْ افْتَقَدَ دِينَارًا وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ عَدَدَ نَفَقَتِهِ لَسَاغَ لَهُ عِنْدِي أَنْ يَأْخُذَهُ لِقَوْلِ صَاحِبِ الْحَانُوتِ إنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيَّ الْيَوْمَ أَحَدٌ غَيْرُك وَإِنْ كَانَ التَّوَرُّعُ مِنْ أَخْذِهِ أَوْلَى وَأَحْسَنُ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ صَاحِبُ الْحَانُوتِ: هَذَا الدِّينَارُ وَجَدْتُهُ فِي مَكَانِكَ بَعْدَ خُرُوجِك وَلَا أَدْرِي هَلْ هُوَ لَكَ أَوْ لِغَيْرِك مِمَّنْ دَخَلَ الْحَانُوتَ فَعَدَّ الرَّجُلُ نَفَقَتَهُ فَافْتَقَدَ دِينَارًا وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ: هَذَا الدِّينَارُ وَجَدْتُهُ فِي مَكَانِكَ بَعْدَ خُرُوجِك وَلَا أَدْرِي هَلْ هُوَ لَك أَوْ لِغَيْرِك مِمَّنْ دَخَلَ الْحَانُوتَ وَالرَّجُلُ لَا يَعْلَمُ عَدَدَ نَفَقَتِهِ لَمَا سَاغَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِالشَّكِّ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
ص (كَنِيَّةِ أَخْذِهَا قَبْلَهَا) ش، قَالَ الشَّارِحُ بَهْرَامُ فِي الْوَسَطِ: يَعْنِي أَنَّ الْمُلْتَقِطَ إذَا نَوَى قَبْلَ السَّنَةِ أَكْلَ اللُّقَطَةِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا يُرِيدُ إذَا ضَاعَتْ عِنْدَهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَضْمَنُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ أَبَا الْحَسَنِ الصَّغِيرَ، قَالَ: الْمَشْهُورُ أَنَّ النِّيَّةَ بِمُجَرَّدِهَا لَا تُوجِبُ شَيْئًا إلَّا أَنْ يُقَارِنَهَا فِعْلٌ، انْتَهَى. وَمَا نَقَلَهُ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ فَلَيْسَ هُوَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إنَّمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ الْتَقَطَ لُقَطَةً فَبَعْدَ أَنْ حَازَهَا وَبَانَ بِهَا رَدَّهَا بِمَوْضِعِهَا أَوْ بِغَيْرِهِ ضَمِنَهَا فَأَمَّا إنْ رَدَّهَا فِي مَوْضِعِهَا مَكَانَهُ سَاعَتَهُ كَمَنْ مَرَّ فِي أَثَرِ رَجُلٍ فَوَجَدَ شَيْئًا فَأَخَذَهُ وَصَاحَ بِهِ أَهَذَا لَكَ فَيَقُولُ لَا فَتَرَكَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَقَالَهُ مَالِكٌ فِي وَاجِدِ الْكِسَاءِ بِأَثَرِ رُفْقَةٍ فَأَخَذَهُ وَصَاحَ أَهَذَا لَكُمْ فَقَالُوا لَا فَرَدَّهُ، قَالَ: قَدْ أَحْسَنَ فِي رَدِّهِ وَلَا يَضْمَنُ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: قَوْلُهُ لِيُعَرِّفْهَا اُنْظُرْ هَلْ تَعْرِيفًا عَامًّا الَّذِي هُوَ السَّنَةُ أَوْ تَعْرِيفًا خَاصًّا