مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهُ، وَأَمَّا وَجْهُ عَدَمِ جَوَازِ النَّفْضِ وَالتَّحْرِيكِ فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ الْقَاضِي إسْمَاعِيلَ؛ لِأَنَّ الشَّجَرَ يَخْتَلِفُ فَمِنْهُ مَا هُوَ نَاجِحٌ يَقِلُّ مَا يَسْقُطُ مِنْهُ، وَمِنْهُ مَا هُوَ بِخِلَافِهِ انْتَهَى.

فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ إجَارَةً، وَلَا جُعْلًا لِلْجَهْلِ الْمَذْكُورِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْحَصَادِ الْآتِيَةِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: فَمَا حَصَدْت فَلَكَ نِصْفُهُ فَإِنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى التَّرْكِ مَتَى شَاءَ، وَمَا يَحْصُدُهُ فَلَهُ نِصْفُهُ فَهُوَ مَعْلُومٌ وَمِثْلُ الْحَصَادِ اللَّقْطُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ قَالَ لَهُ: فَمَا حَصَدْت، أَوْ لَقَطْت فَلَكَ نِصْفُهُ جَازَ، وَلَهُ التَّرْكُ مَتَى شَاءَ؛ لِأَنَّهُ جُعْلٌ، وَكَذَلِكَ الْجَدَادُ إذَا قَالَ لَهُ: جُدَّ مِنْ نَخْلِي مَا شِئْت فَمَا جَدَدْت فَلَكَ نِصْفُهُ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْجُعْلِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحَصَادِ وَالْجَدَادِ وَاللَّقْطِ وَبَيْنَ النَّفْضِ وَالْعَصْرِ أَنَّ الْحَصَادَ وَالْجَدَادَ وَاللَّقْطَ مِنْ مَقْدُورِهِ، وَلَا مَانِعَ لَهُ إلَّا الْكَسَلُ، وَكُلَّمَا أَرَادَ أَنْ يَقْطَعَ عُرْجُونًا، أَوْ يَحْصُدَ مَوْضِعًا، أَوْ يَلْقُطَ شَيْئًا عَلِمَ أَنَّ لَهُ نِصْفَ ذَلِكَ قَبْلَ عَمَلِهِ بِخِلَافِ النَّفْضِ وَالتَّحْرِيكِ، فَإِنَّهُ غَيْرُ مَنُوطٍ بِمَقْدُورِهِ فَهُوَ يَعْمَلُ الْعَمَلَ، وَلَا يَدْرِي هَلْ يَسْقُطُ شَيْءٌ أَمْ لَا؟ وَهَلْ يَقْدِرُ، أَوْ يَتْرُكُ، وَكَذَلِكَ الْعَصْرُ فَتَأَمَّلْهُ (تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ:) قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ الْقَصَّارِ: وَمَعْنَى التَّحْرِيكِ هُنَا النَّفْضُ بِالْيَدِ، وَأَمَّا بِالْقَضِيبِ فَهُوَ كَالْحَصْدِ قَالَ: وَهَذَا بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ النَّفْضَ بِالْيَدِ غَيْرُ مُعْتَادٍ انْتَهَى.

، وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ بَعْدَ ذِكْرِهِ مَسْأَلَةَ النَّفْضِ ابْنُ يُونُسَ: لَوْ قَالَ: اُنْفُضْهُ كُلَّهُ، وَلَكَ نِصْفُهُ جَازَ انْتَهَى.

وَكَلَامُهُ يُوهِمُ: أَنَّهُ تَقْيِيدٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يُفْهِمُ أَنَّهُ إنَّمَا نَقَلَهُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يُخَالِفُهُ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّانِي:) إذَا وَقَعَ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ الْفَاسِدَةِ وَأَتَمَّ الْعَمَلَ عَلَى مَا قَالَا فَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ، وَجَمِيعُ الزَّرْعِ لِرَبِّهِ، فَإِنْ قَسَمَا عَلَى مَا قَالَا فَمَا أَخَذَهُ الْعَامِلُ حَرَامٌ، وَمَا أَخَذَهُ رَبُّ الزَّرْعِ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الزَّرْعَ جَمِيعَهُ لَهُ، ذَكَرَ ذَلِكَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ وَيَأْتِي مَا يُشْبِهُ ذَلِكَ فِي كِرَاءِ الْأَرْضِ بِالطَّعَامِ (الثَّالِثُ:) مَا يَسْقُطُ مِنْ التَّمْرِ بَيْنَ الْكَرَانِيفِ وَالسَّعَفِ يُسَمَّى الْجَلَالَةَ لَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ بِجُزْءٍ مِنْهُ؛ إذْ لَا يُحَاطُ بِقَدْرِهِ لِاخْتِفَائِهِ بَيْنَ الْكَرَانِيفِ قَالَهُ فِي رَسْمِ قَطْعِ الشَّجَرَةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ الْإِجَارَةِ

ص (كَاحْصُدْ وَادْرُسْ وَلَكَ نِصْفُهُ) ش قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ قَالَ اُحْصُدْهُ وَادْرُسْهُ، وَلَكَ نِصْفُهُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ بِنِصْفِ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْحَبِّ، وَهُوَ لَا يَدْرِي كَمْ يَخْرُجُ، وَلَا كَيْفَ يَخْرُجُ؟ وَكَذَلِكَ لَوْ بِعْتَهُ زَرْعَهُ جُزَافًا، وَقَدْ يَبِسَ عَلَى أَنَّ عَلَيْكَ حَصَادَهُ وَدَرْسَهُ وَذَرْيَهُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَى حَبًّا جُزَافًا لَمْ يُعَايِنْهُ، وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنَّ كُلَّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ جَازَ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ بِالْكَيْلِ، وَهُوَ يَصِلُ إلَى صِفَةِ الْقَمْحِ بِفَرْكِ سُنْبُلِهِ، وَإِنْ تَأَخَّرَ دَرْسُهُ إلَى مِثْلِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ، أَوْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَهُوَ قَرِيبٌ، وَقَالَ قَبْلَهُ: وَمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ: اُحْصُدْ زَرْعِي هَذَا، وَلَكَ نِصْفُهُ أَوْ جُدَّ نَخْلَتِي هَذِهِ، وَلَكَ نِصْفُهَا جَازَ، وَلَيْسَ لَهُ تَرْكُهَا؛ لِأَنَّهَا إجَارَةٌ، وَكَذَلِكَ لَقْطُ الزَّيْتُونِ انْتَهَى.

أَيْ إذَا قَالَ لَهُ: اُلْقُطْ زَيْتُونِي وَلَكَ نِصْفُهُ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ الْأُمَّهَاتِ: فَحِينَ يَحْصُدُهُ وَجَبَ لَهُ نِصْفُهُ عِيَاضٌ ظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ لَهُ بَعْدَ الْحَصَادِ، وَاَلَّذِي يَأْتِي عَلَى أُصُولِهِمْ أَنَّهُ وَجَبَ لَهُ بِالْعَقْدِ أَلَا تَرَاهُمْ جَعَلُوا مَا هَلَكَ قَبْلَ حَصَادِهِ وَبَعْدَهُ مِنْ الْأَجِيرِ، وَقَالَ الرَّجْرَاجِيُّ: هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ ابْنُ حَبِيبٍ: وَالْعَمَلُ فِي تَهْذِيبِهِ بَيْنَهُمَا ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ، وَلَوْ شَرَطَ فِي الزَّرْعِ قِسْمَتَهُ حَبًّا لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا يَجِبُ لَهُ بِالْحَصَادِ فَجَائِزٌ، وَكَذَلِكَ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ عَبْدُ الْحَقِّ، وَلَا يَجُوزُ قَسْمُهُ قَتًّا وَيَدْخُلُهُ التَّفَاضُلُ، وَفِي هَذَا خِلَافٌ فِي الرِّبَوِيَّاتِ وَغَيْرِهَا، وَاعْتُرِضَ مَنْعُ قِسْمَتِهِ حَبًّا بِأَنَّهُ شَرْطٌ يُوَافِقُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْأَجِيرَ لَا يَسْتَحِقُّهُ إلَّا بَعْدَ عَمَلِهِ، وَحِينَئِذٍ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ أَخْذِ نَصِيبِهِ إلَّا مُهَذَّبًا، وَأُجِيبَ بِمَنْعٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بَعْدَ الْحَصَادِ، فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا تَلِفَ قَبْلَ أَنْ يَحْصُدَهُ، أَوْ بَعْدَ أَنْ حَصَدَ بَعْضَهُ هُوَ مِنْهُمَا، وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ فِي مِثْلِهِ، أَوْ مِثْلِ مَا بَقِيَ مِنْهُ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ سَحْنُونٌ انْتَهَى.

بِالْمَعْنَى وَاللَّفْظِ، فَقَدْ ظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015