قَالَ: وَذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ غَيْرَ مَعْزُوٍّ، وَكَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَكَذَا عِيَاضٌ وَقَيَّدَ الْفَوَاتَ بِعَمَلٍ لَهُ بَالٌ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (أَوْ رَضِيعٍ، وَإِنْ مِنْ الْآنَ)
ش: يَعْنِي أَنَّ الْإِجَارَةَ تَفْسُدُ أَيْضًا فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ مَنْ يُرْضِعُ صَبِيًّا بِجُزْءٍ مِنْهُ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ مِنْ الْآنَ مُبَالَغَةٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَطْ دُونَ مَا قَبْلَهَا وَيَعْنِي بِهِ أَنَّ الْإِجَارَةَ فَاسِدَةٌ سَوَاءٌ شَرَطَ أَخْذَ الْجُزْءِ الْمُسْتَأْجَرِ بِهِ بَعْدَ تَمَامِ مُدَّةِ الرَّضَاعِ، أَوْ شَرَطَ أَخْذَهُ الْآنَ أَمَّا الْأَوَّلُ: فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ، وَهُوَ شَامِلٌ لِوَجْهَيْنِ أَيْضًا (الْأَوَّلُ:) أَنْ يَشْتَرِطَ أَخْذَهُ بَعْدَ الْمُدَّةِ، وَيَكُونَ فِيهَا عَلَى مِلْكِ رَبِّهِ (الثَّانِي:) أَنْ يَشْتَرِطَ أَخْذَهُ بَعْدَ الْمُدَّةِ لَكِنَّهُ عَلَى مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَسْأَلَةِ الْجُلُودِ وَالْغَزْلِ، وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ مَا إذَا شَرَطَ أَخْذَ الْجُزْءِ الْمُسْتَأْجَرِ بِهِ مِنْ الْآنَ فَيَتَبَادَرُ جَوَازُهَا كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْجُلُودِ وَالْغَزْلِ وَعَلَّلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ الصَّبِيَّ لَمَّا كَانَ مِمَّا يَتَعَيَّنُ، وَلَوْ تَعَذَّرَ تَعْلِيمُهُ بِمَوْتٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْ رَبَّهُ خَلَفُهُ صَارَ نَقْدُ الْأُجْرَةِ فِيهِ كَالنَّقْدِ فِي الْأُمُورِ الْمُحْتَمَلَةِ بِشَرْطٍ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَسَوَاءٌ كَانَتْ الْأُجْرَةُ جُزْءًا مِنْهُ، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ انْتَهَى.
وَتَصَوُّرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الشَّرْحِ وَالْحَاشِيَةِ ظَاهِرٌ (تَنْبِيهٌ:) ذَكَرَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي مَسْأَلَةِ التَّعْلِيمِ الَّتِي جَعَلَهَا الْمُصَنِّفُ وَابْنُ عَرَفَةَ مُسَاوِيَةً لِهَذِهِ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ وَشَرَطَ قَبْضَ نِصْفِهِ بَعْدَ السَّنَةِ فُسِخَ، فَإِنْ فَاتَ وَعَلَّمَهُ سَنَةً، وَلَمْ يَفُتْ الْعَبْدُ فَلَهُ قِيمَةُ تَعْلِيمِهِ، وَالْعَبْدُ لِسَيِّدِهِ، وَإِنْ فَاتَ بَعْدَ السَّنَةِ بِيَدِ الْمُعَلِّمِ فَالْعَبْدُ بَيْنَهُمَا، وَعَلَى رَبِّهِ قِيمَةُ تَعْلِيمِهِ، وَعَلَى الْمُعَلِّمِ نِصْفُ قِيمَتِهِ يَوْمَ تَمَامِ السَّنَةِ مُعَلَّمًا، وَإِنْ شَرَطَ قَبْضَهُ الْآنَ وَفَاتَ بِيَدِ الْمُعَلِّمِ بَعْدَ تَمَامِ السَّنَةِ فَلَهُ نِصْفُ قِيمَةِ تَعْلِيمِهِ وَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ يَوْمَ قَبَضَهُ، وَيَكُونُ بَيْنَهُمَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَبِمَا سَقَطَ، أَوْ خَرَجَ مِنْ نَفْضِ زَيْتُونٍ، أَوْ عَصْرِهِ) ش أَيْ، وَكَذَا تَفْسُدُ الْإِجَارَةُ إذَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى نَفْضِ الزَّيْتُونِ بِمَا يَسْقُطُ مِنْهُ أَيْ بِجُزْءٍ مِمَّا يَسْقُطُ، وَعَلَى عَصْرِهِ بِمَا خَرَجَ مِنْهُ مِنْ الزَّيْتِ أَيْ بِجُزْءٍ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهُ لِلْجَهْلِ بِقَدْرِ مَا يَسْقُطُ، وَمَا يَخْرُجُ مِنْ الْعَصْرِ، وَلَوْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ، وَكَيْفَ يَخْرُجُ؟ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ: وَلِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى التَّرْكِ إذَا شَرَعَ وَنَصُّ كَلَامِهِ فِي آخِرِ كِتَابِ الْجُعْلِ وَالْإِجَارَةِ: وَإِنْ قَالَ لَهُ: اُنْفُضْ شَجَرِي، أَوْ حَرِّكْهَا فَمَا نَفَضْتَ، أَوْ سَقَطَ فَلَكَ نِصْفُهُ؛ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ، وَإِنْ قَالَ: اعْصِرْ زَيْتُونِي، أَوْ جُلْجُلَانِي فَمَا عَصَرْت فَلَكَ نِصْفُهُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي كَمْ يَخْرُجُ؟ وَلَا كَيْفَ يَخْرُجُ؟ وَإِذًا لَا يَقْدِرُ عَلَى التَّرْكِ إذَا شَرَعَ، وَلَيْسَ هَكَذَا الْجُعْلُ وَالْحَصَادُ يَدْعُهُ مَتَى شَاءَ إذَا قَالَ: فَمَا حَصَدْت مِنْ شَيْءٍ فَلَكَ نِصْفُهُ انْتَهَى.
فَقَدْ بَيَّنَ وَجْهَ عَدَمِ جَوَازِ عَصْرِ الزَّيْتُونِ بِجُزْءٍ