يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ غَالِبًا لِكَوْنِهِ لَا يَعْدَمُهُ وَيَكْثُرُ عِنْدَهُ قَالَهُ الْقَبَّابُ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ.

(الثَّالِثُ:) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ الْمَبِيعَ بِكَذَا عَلَى أَنْ يَعْمَلَ لَهُ فِيهِ كَذَا، أَوْ يَعْمَلَ لَهُ فِي غَيْرِهِ، وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَى الْمَبِيعَ بِثَمَنٍ عَلَى حِدَةٍ، ثُمَّ اسْتَأْجَرَهُ بِأُجْرَةٍ أُخْرَى فَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنْ يَجْتَمِعَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ، وَذَلِكَ وَاضِحٌ (الرَّابِعُ:) إذَا اشْتَرَى جُبْنًا، أَوْ لَحْمًا بِالْوَزْنِ عَلَى أَنَّ عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَقْلِيَ ذَلِكَ فَذَكَرَ سَيِّدِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْحَاجِّ فِي فَصْل خُرُوجِ الْعَالِمِ إلَى السُّوقِ مِنْ الْمَدْخَلِ أَنَّ فِي ذَلِكَ وُجُوهًا مِنْ الْمَنْعِ مِنْهَا أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ الدُّهْنَ الَّذِي يُقْلَى بِهِ، وَهُوَ مَجْهُولٌ وَأَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ مَا يُوقِدُ بِهِ تَحْتَهُ، وَهُوَ مَجْهُولٌ كَذَلِكَ، وَأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ وَزْنَهُ بَعْدَ الْقَلْيِ، وَأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أُجْرَةَ قَلْيِهِ، وَهَذَانِ الْأَخِيرَانِ لَا يَضُرُّ جَهْلُهُمَا كَمَا يَظْهَرُ ذَلِكَ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا الْأَوَّلَانِ فَالْمَنْعُ بِسَبَبِهِمَا ظَاهِرٌ.

(الْخَامِسُ:) إذَا هَلَكَ الْمَبِيعُ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ الْعَمَلَ الْمُسْتَأْجَرَ عَلَيْهِ فِيهِ فَقَالَ فِي الرَّسْمِ الْمُتَقَدِّمِ فِي تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ: لَا ضَمَانَ عَلَى الْبَائِعِ، وَيُحَطُّ عَنْ الْمُشْتَرِي بِقَدْرِ الْخِيَاطَةِ وَالطَّحْنِ مِنْ الثَّمَنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ مِمَّنْ يَعْمَلُ تِلْكَ الصِّنَاعَاتِ بِنَفْسِهِ فَيُسْلَكُ بِهِ مَسْلَكَ الصُّنَّاعِ فِي الضَّمَانِ، فَيَكُونُ عَلَيْهِ قِيمَةُ الثَّوْبِ يَوْمَ الْبَيْعِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَقِيلَ: يَوْمَ ذَهَبَ، وَيُقَوَّمُ غَيْرُ مَعْمُولٍ، وَيُفَضُّ الثَّمَنُ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ عَلَى الثَّوْبِ وَالْعَمَلِ، فَيَكُونُ لِلْبَائِعِ مِنْهُ مَا نَابَ الثَّمَنَ، فَإِنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ عَلَى الْقِيمَةِ أَخَذَهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ أَدَّاهُ، وَإِنْ قَامَتْ عَلَى الضَّيَاعِ بَيِّنَةٌ سَقَطَ عَنْهُ الضَّمَانُ، وَفُضَّ الثَّمَنُ أَيْضًا عَلَى الثَّوْبِ وَالْعَمَلِ فَلَا يَكُونُ لِلْبَائِعِ مِنْهُ إلَّا مَا نَابَ الثَّوْبَ انْتَهَى.

بِالْمَعْنَى، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ إثْرَ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ السَّابِقِ، فَإِنْ هَلَكَ الثَّوْبُ، أَوْ الْقَمْحُ قَبْلَ خِيَاطَتِهِ، أَوْ قَبْلَ طَحْنِهِ سَقَطَ عَنْ الْمُشْتَرِي قَدْرُ الْإِجَارَةِ، وَكَانَ ضَمَانُ الْبَاقِي مِنْهُ، وَهَذَا إذَا كَانَ غَيْرُ الْبَائِعِ يَتَوَلَّى عَمَلَ ذَلِكَ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْبَائِعُ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى عَمَلَهُ لَضَمِنَهُ؛ لِأَنَّهُ صَانِعٌ انْتَهَى.

وَفُهِمَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ ضَاعَ بَعْدَ الْعَمَلِ لَمْ يُحَطَّ عَنْ الْمُشْتَرِي شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ، وَيُفْصَلُ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ هُوَ الصَّانِعَ، أَوْ غَيْرَهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (السَّادِسُ) : لَوْ اخْتَلَفَا فِي الضَّيَاعِ هَلْ هُوَ قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَالظَّاهِرُ: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي فَتَأَمَّلْهُ (السَّابِعُ:) عُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْبَيْعَ وَالْإِجَارَةَ يَجُوزُ اجْتِمَاعُهُمَا، وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ لَا يَتَوَلَّى الْعَمَلَ الْمُسْتَأْجَرَ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَهَذِهِ التَّفْرِيعَاتُ كُلُّهَا إنَّمَا هِيَ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ جَوَازِ اجْتِمَاعِهِمَا، وَقَدْ حَكَى اللَّخْمِيُّ عَنْ الْقَاضِي قَوْلًا بِالْمَنْعِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّامِنُ:) الْبَيْعُ وَالْكِرَاءُ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ يَجُوزُ اجْتِمَاعُهُمَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي أَوَّلِ كِرَاءِ الرَّوَاحِلِ وَغَيْرِهِ.

ص (وَكَجِلْدٍ لِسَلَّاخٍ)

ش: هُوَ كَقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَلَوْ اسْتَأْجَرَ السَّلَّاخَ بِالْجِلْدِ لَمْ يَجُزْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الشَّاةُ حَيَّةً، أَوْ مَذْبُوحَةً، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَعَلَّهُ إنَّمَا مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهُ السَّلَّاخُ عِنْدَهُ إلَّا بَعْدَ السَّلْخِ، وَلَا يَدْرِي كَيْفَ يَخْرُجُ هَلْ يَخْرُجُ سَلِيمًا مِنْ الْقَطْعِ أَمْ لَا؟ وَفِي أَيْ جِهَةٍ يَكُونُ الْقَطْعُ انْتَهَى.

، وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَأَتَى الْمُصَنِّفُ بِالْكَافِ لِيُدْخِلَ اللَّحْمَ قَالَ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْجُعْلِ وَالْإِجَارَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى سَلْخِ شَاةٍ بِشَيْءٍ مِنْ لَحْمِهَا انْتَهَى.

وَانْظُرْ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ بِرَأْسِ الشَّاةِ أَوْ بِالْأَكَارِعِ هَلْ يَجُوزُ أَمْ لَا وَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ إنْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى الذَّبْحِ فَقَطْ، أَوْ عَلَيْهِ وَعَلَى السَّلْخِ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ تَصِحُّ ذَكَاتُهَا أَمْ لَا، وَأَمَّا إنْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى السَّلْخِ وَحْدَهُ بَعْدَ الذَّبْحِ فَذَلِكَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ لَا غَرَرَ فِيهِ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهٌ:) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ خَلِيلٌ قَدْ تَقَدَّمَ فِي بَيْعِ الْجُلُودِ عَلَى ظُهُورِ الْخِرْفَانِ فِي الْبُيُوعِ سِتَّةُ أَقْوَالٍ فَيَنْبَغِي أَنْ تَأْتِيَ هُنَا اهـ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ كَمَا سَيَأْتِي.

ص (وَنُخَالَةٍ لِطَحَّانٍ)

ش: قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِلْجَهْلِ بِقَدْرِهَا؛ لِأَنَّهُ كَالْجُزَافِ غَيْرِ الْمَرْئِيِّ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ بِصَاعٍ مِنْ النُّخَالَةِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: اطْحَنْهُ وَلَكَ صَاعٌ مِنْ نُخَالَتِهِ فَيَحْتَمِلُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015