لِرَبِّ الْحَائِطِ مَا إنْ ضَمَّهُ إلَيْهَا بَلَغَتْ، ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ مَا بَقِيَ اللَّخْمِيُّ قَوْلُ مَالِكٍ: إنَّهَا مُزَكَّاةٌ عَلَى مِلْكِ رَبِّ الْحَائِطِ يَجِبُ ضَمُّهَا لِمَالِهِ مِنْ ثَمَرِ غَيْرِهَا وَيُزَكِّي جَمِيعَهَا، وَلَوْ كَانَ الْعَامِلُ مِمَّنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ، وَتَسْقُطُ إنْ كَانَ رَبُّ الْحَائِطِ مِمَّنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ، وَالْعَامِلُ مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِ انْتَهَى.
(فَرْعٌ:) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَلَوْ شَرَطَ رَبُّ الْمَالِ الزَّكَاةَ عَلَى الْعَامِلِ وَنَقَصَ الْحَائِطُ عَنْ النِّصَابِ فَقِيلَ: يَقْتَسِمَانِ الثَّمَرَةَ نِصْفَيْنِ، وَقَالَ سَحْنُونٌ: لِرَبِّ الْحَائِطِ سِتَّةُ أَعْشَارِهَا، وَلِلْعَامِلِ أَرْبَعَةُ أَعْشَارِهَا، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: يَقْتَسِمَانِ الثَّمَرَةَ أَتْسَاعًا لِرَبِّ الْحَائِطِ خَمْسَةٌ، وَقِيلَ: يَقْتَسِمَانِهَا مِنْ عِشْرِينَ لِرَبِّ الْحَائِطِ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا وَلِلْعَامِلِ تِسْعَةُ أَجْزَاءٍ، وَقَالَ فِي الشَّامِلِ: وَلَوْ شُرِطَتْ عَلَى الْعَامِلِ، فَلَمْ تَجِبْ فَلَهُ نِصْفُ الْغَلَّةِ كَأَنْ سَكَتَا عَنْهَا، وَقِيلَ: أَرْبَعَةُ أَعْشَارِهَا، وَقِيلَ: تِسْعَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ عِشْرِينَ وَزَكَّى عَلَى مِلْكِ رَبِّهِ انْتَهَى.
، وَهَذَا حَيْثُ دَخَلَا عَلَى أَنَّ لِلْعَامِلِ نِصْفُ الثَّمَرَةِ، وَإِلَّا فَلَهُ بِحَسَبِ مَا دَخَلَا عَلَيْهِ
ص (وَسِنِينَ مَا لَمْ تَكْثُرْ جِدًّا بِلَا حَدٍّ)
ش: يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تُعْقَدَ الْمُسَاقَاةُ عَلَى سِنِينَ مُتَعَدِّدَةٍ مَا لَمْ تَكْثُر جِدًّا، وَلَمْ يَحُدَّ مَالِكٌ فِي الْكَثْرَةِ حَدًّا، وَيُشِيرُ إلَى قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَيَجُوزُ أَنْ يُسَاقِيَهُ سِنِينَ مَا لَمْ تَكْثُرْ جِدًّا قِيلَ: فَعَشَرَةٌ قَالَ: لَا أَدْرِي تَحْدِيدَ عَشَرَةٍ، وَلَا ثَلَاثِينَ، وَلَا خَمْسِينَ انْتَهَى.
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَهَذَا يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْ السُّنَّةِ وَالثَّانِي: أَنَّهُ رَأَى أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْحَوَائِطِ؛ إذْ الْجَدِيدُ لَيْسَ كَالْقَدِيمِ فَلَوْ حُدِّدَ لَفُهِمَ الِاقْتِصَارُ عَلَى ذَلِكَ الْحَدِّ، ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ صَاحِبِ الْمُعِينِ أَنَّهُ قَالَ يُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ الْمُسَاقَاةُ مِنْ سَنَةٍ إلَى أَرْبَعٍ قَالَ، فَإِنْ طَالَتْ السُّنُونَ جِدًّا فُسِخَتْ انْتَهَى.
(قُلْت:) وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ صَاحِبِ الْمُعِينِ ذَكَرَهُ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ (تَنْبِيهٌ:) قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَتَجُوزُ إلَى سِنِينَ، وَالْأَخِيرَةُ بِالْجَدَادِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَالَ فِي الْبَيَانِ: لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ، وَسَوَاءٌ تَقَدَّمَ الْجَدَادُ، أَوْ تَأَخَّرَ عَنْهَا انْتَهَى.
(قُلْت:) وَنَقَلَهُ فِي الْمُتَيْطِيِّ بِلَفْظِ: فَإِنْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ قَبْلَ الْجَدَادِ فَعَلَى الْعَامِلِ التَّمَادِي إلَى الْجَدَادِ انْتَهَى.
ثُمَّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَلَمَّا نَقَلَ أَبُو الْحَسَنِ أَنَّهَا تُؤَرَّخُ بِالسَّنَةِ الْعَجَمِيَّةِ قَالَ هَذَا فِي السِّنِينَ الْكَثِيرَةِ؛ لِأَنَّ السِّنِينَ بِالْعَرَبِيِّ تَنْتَقِلُ انْتَهَى.
(قُلْت:) ، فَإِنْ قَصَدَ التَّحْدِيدَ بِالْعَرَبِيِّ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ عَلَى الْجَدَادِ، أَوْ تَأَخَّرَ فَإِنَّ الْمُسَاقَاةَ تَفْسُدُ بِذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ وَأُقِّتَتْ بِالْجَدَادِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَعَامِلَ دَابَّةٍ، أَوْ غُلَامًا فِي الْكَبِيرِ)
ش: هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ سِنِينَ لَكِنَّ الْأَوَّلَ مِنْ بَابِ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْمَفْعُولِ، وَهَذَا مِنْ إضَافَتِهِ لِلْفَاعِلِ، وَانْظُرْ هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْعَرَبِيَّةِ؟ وَقَوْلُهُ: فِي الْكَبِيرِ: بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ الْعَامِلُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ أَنْ يُعِينَهُ بِالدَّابَّةِ، أَوْ غُلَامٍ إذَا كَانَ الْحَائِطُ كَبِيرًا، وَأَمَّا إنْ كَانَ صَغِيرًا فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ (تَنْبِيهٌ:) قَوْلُهُ: دَابَّةً، أَوْ غُلَامًا بِأَوْ مِثْلُ لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ: ظَاهِرُهُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْبَدَلِ لَا مَجْمُوعُهُمَا، وَالْمَقْصُودُ إنَّمَا هُوَ الْيَسَارَةُ كَمَا قَالَ فِيمَا يَأْتِي، وَإِنَّمَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ مَا قَلَّ فِيمَا كَبُرَ انْتَهَى.
(قُلْت:) فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْحَائِطُ كَبِيرًا فَتَأَمَّلْهُ (فَرْعٌ:) قَالَ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إذَا اشْتَرَطَ الْغُلَامَ، أَوْ الدَّابَّةَ فَخَلَفُ مَا مَاتَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ؛ إذْ عَلَيْهِمْ عَمَلُ الْعَامِلِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ كَانُوا فِيهِ، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ شَرَطَ مِنْ ذَلِكَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ كَانَ عَلَى رَبِّهِ خَلَفُهُ، وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا، فَقَالَ هَذَا الْعَبْدُ، أَوْ هَذِهِ الدَّابَّةُ لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْخَلَفَ انْتَهَى.
، وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: إذَا شَرَطَ غُلَامًا، أَوْ دَابَّةً فَقَالَ سَحْنُونٌ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ إلَّا بِشَرْطِ الْخَلَفِ، وَقِيلَ: يَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْخَلَفَ وَالْحُكْمُ يُوجِبُهُ قَالَ فِي الْبَيَانِ: وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الْوَاضِحَةِ، وَمَا فِي الْبَيَانِ مُحْتَمِلٌ لِلْوَجْهَيْنِ، وَاَلَّذِي أَقُولُ بِهِ، وَهُوَ تَفْسِيرٌ لِجَمِيعِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ إنْ عَيَّنَ الْغُلَامَ، أَوْ الدَّابَّةَ بِإِشَارَةٍ، أَوْ تَسْمِيَةٍ فَلَا تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ إلَّا بِشَرْطِ الْخَلَفِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا فَالْحُكْمُ يُوجِبُهُ، وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ