وَالْحُكْمِ، انْتَهَى. وَعَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مَشَى الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْقَضَاءِ فَقَالَ: وَالْغَلَّةُ لَهُ لِلْقَضَاءِ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْمُقْضَى لَهُ بِهِ.

ص (كَوَارِثٍ)

ش: ظَاهِرُهُ أَنَّ الْغَلَّةَ لِلْوَارِثِ سَوَاءٌ كَانَ وَارِثًا مِنْ غَاصِبٍ أَوْ مُشْتَرٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ وَارِثَ الْغَاصِبِ لَا غَلَّةَ لَهُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: فَإِنْ بِيعَ الْمَغْصُوبُ أَوْ وُرِثَ بِأَنْ عَلِمَ فَكَالْغَاصِبِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي السَّمَاوِيِّ وَلَا فِي الْغَلَّةِ سَكَنَ أَوْ زَرَعَ وَقَوْلُهُ لَا فِي الْغَلَّةِ ظَاهِرُهُ؛ لِأَنَّ الْغَلَّةَ تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي وَلِلْوَارِثِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ وَهُوَ صَحِيحٌ فِي الْمُشْتَرِي وَأَمَّا وَارِثُ الْغَاصِبِ فَلَا غَلَّةَ لَهُ بِاتِّفَاقٍ سَوَاءٌ انْتَفَعَ بِنَفْسِهِ أَوْ أَكْرَى لِغَيْرِهِ. وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ اللَّخْمِيُّ وَيُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ فِي بَابِ الْغَصْبِ: أَوْ وَارِثِهِ أَوْ مَوْهُوبِهِ إلَى آخِرِهِ. وَقَالَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ مِنْهَا: وَمَنْ ابْتَاعَ دَارًا أَوْ عَبْدًا مِنْ غَاصِبٍ وَلَمْ يَعْلَمْ فَاسْتَغَلَّهُمْ زَمَانًا فَالْغَلَّةُ لِلْمُبْتَاعِ بِضَمَانِهِ وَكَذَلِكَ إنْ وَرِثَهُمْ عَنْ أَبِيهِ وَلَمْ يَدْرِ بِمَا كَانُوا لِأَبِيهِ فَاسْتَغَلَّهُمْ ثُمَّ اسْتَحَقُّوا فَالْغَلَّةُ لِلْوَارِثِ، انْتَهَى. فَهَذَا فِي الْمُوَرِّثِ وَالْمَجْهُولِ الَّذِي لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ غَاصِبٌ أَوْ غَيْرُ غَاصِبٍ وَلِذَا قَالَ اللَّخْمِيُّ عَقِيبَهَا: وَهَذَا وَارِثٌ لَا يَدْرِي بِمَا كَانَتْ لِأَبِيهِ، انْتَهَى.

ص (وَمَوْهُوبٍ) ش يُرِيدُ إذَا كَانَ الْغَاصِبُ مُوسِرًا وَأَمَّا إذَا كَانَ الْغَاصِبُ مُعْسِرًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِالْغَلَّةِ عَلَى الْمَوْهُوبِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: فَإِذَا وَهَبَ مَا غَصَبَهُ فَاغْتَلَّهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَقَالَ أَشْهَبُ: الْمَوْهُوبُ بِمَنْزِلَةِ الْمُشْتَرِي وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَ بِمَنْزِلَتِهِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ فَإِنْ أُعْدِمَ أَوْ غَابَ فَعَلَى الْمَوْهُوبِ وَهُوَ أَبْيَنُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَوَارِثِ الْغَاصِبِ إذَا كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ بِالْغَصْبِ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي الْوَارِثِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا يَلْزَمُ الْغَاصِبَ فَكَذَلِكَ الْمَوْهُوبُ لَهُ، انْتَهَى. بِالْمَعْنَى إلَى قَوْلِهِ وَهُوَ أَبْيَنُ وَمِنْهُ إلَخْ. بِاللَّفْظِ فَالْوَارِثُ هُنَا إمَّا وَارِثُ الْمُشْتَرِي أَوْ وَارِثُ الْمَوْهُوبِ أَوْ وَارِثُ ذِي الشُّبْهَةِ وَلِابْنِ رُشْدٍ كَذَلِكَ وَسَيَأْتِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَمُشْتَرٍ)

ش: يَعْنِي أَنَّ الْغَلَّةَ لِلْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالْغَصْبِ يُرِيدُ وَلَا رُجُوعَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَلَى الْغَاصِبِ بِالْغَلَّةِ مِنْ يَوْمِ بَاعَ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ.

ص (إنْ لَمْ يَعْلَمُوا) ش قَالَ الْبِسَاطِيُّ وَهَذَا إذَا تَحَقَّقَ عَدَمُ عِلْمِهِمْ وَكَذَلِكَ مَنْ جَهِلْنَا هَلْ هُوَ عَالِمٌ أَمْ لَا؟ فَحَمْلُهُ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ اسْتِصْحَابًا لِحَالِ الْمُسْلِمِ، انْتَهَى. وَهُوَ كَلَامٌ صَحِيحٌ جَارٍ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَائِدَة جَمَاعَةٍ وَرِثُوا دَارًا كَبِيرَةً بَعْضُهَا عَامِرٌ وَبَعْضُهَا خَرَابٌ وَبَعْضهمْ غَائِب]

(فَائِدَةٌ) سُئِلْت عَنْ جَمَاعَةٍ وَرِثُوا دَارًا كَبِيرَةً بَعْضُهَا عَامِرٌ وَبَعْضُهَا خَرَابٌ وَبَعْضُ الْوَرَثَةِ حَاضِرٌ وَبَعْضُهُمْ غَائِبٌ فَاسْتَوْلَى الْحَاضِرُ عَلَى الدَّارِ وَسَكَنَ الْعَامِرَ وَعَمَّرَ الْخَرَابَ وَسَكَنَهُ فَهَلْ لِلْغَائِبِينَ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِالْأُجْرَةِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ؟ وَهَلْ لَهُمْ نَقْضُ مَا عَمَّرَهُ مِنْ الْخَرَابِ؛ لِكَوْنِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ؟ فَأَجَبْت الْحَمْدُ لِلَّهِ إنْ كَانَ الْوَارِثُ الْحَاضِرُ الَّذِي سَكَنَ لَمْ يَعْلَمْ بِالْغَائِبِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ فِيمَا سَكَنَ وَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِحِصَّتِهِ فِيمَا أَكْرَاهُ أَوْ اغْتَلَّهُ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ قَالَهُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الصَّدَقَاتِ مِنْ الْبَيَانِ وَهُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ هَذَا حَيْثُ قَالَ: كَوَارِثٍ طَرَأَ عَلَيْهِ مِثْلُهُ إلَّا أَنْ يَنْتَفِعَ وَأَمَّا إنْ عَلِمَ بِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِأُجْرَةِ مَا سَكَنَ وَبِحِصَّتِهِ مِنْ الْغَلَّةِ وَمَا عَمَّرَهُ مِمَّا لَيْسَ بِضَرُورِيٍّ فَإِنْ أَرَادَ أَحَدٌ مِنْهُمْ الْقِسْمَةَ قُسِمَتْ الدَّارُ فَإِنْ وَقَعَ مَا بَنَاهُ فِي حِصَّتِهِ كَانَ لَهُ وَعَلَيْهِ مِنْ الْكِرَاءِ بِقَدْرِ مَا انْتَفَعَ مِنْ نَصِيبِ أَصْحَابِهِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَإِنْ وَقَعَ فِي نَصِيبِ غَيْرِهِ خُيِّرَ مَنْ وَقَعَ فِي حِصَّتِهِ بَيْنَ أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَتَهُ مَنْقُوضًا أَوْ يُسَلِّمَ إلَيْهِ نَقْضَهُ وَعَلَى الْبَانِي مِنْ الْكِرَاءِ بِقَدْرِ مَا انْتَفَعَ مِنْ نَصِيبِ أَصْحَابِهِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَإِنْ أَرَادُوا شَرِكَتَهُ وَلَمْ يُرِدْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ الْقِسْمَةَ فَلَهُمْ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ يَدْفَعُوا حِصَصَهُمْ مِنْ قِيمَةِ مَا عَمِلَهُ قِيلَ قَائِمًا وَقِيلَ مَنْقُوضًا هَذَا مُحَصَّلُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ فِي الْبَيَانِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَأْخُذُ قِيمَتَهُ مَنْقُوضًا هُوَ الظَّاهِرُ لِقَوْلِ ابْنِ يُونُسَ فِي كِتَابِ الْعَارِيَّةِ فِي تَرْجَمَةِ مَنْ أَعَارَ أَرْضَهُ: كُلُّ مَنْ بَنَى فِي أَرْضِ غَيْرِهِ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ شَرِيكٍ أَوْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهَا أَوْ عِلْمِهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015