الْحُكْمَ بِإِضَافَةِ الْمَجْهُولِ لِلْحُكْمِ وَاَلَّذِي فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ لِلْحُكْمِ فَاللَّامُ الْجَرِّ وَهُوَ الصَّوَابُ لِإِفَادَتِهِ حُكْمًا وَقَوْلُهُ لِلْحُكْمِ هُوَ أَحَدُ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: وَاخْتُلِفَ فِي الْحَدِّ الَّذِي يَدْخُلُ فِيهِ الشَّيْءُ الْمُسْتَحَقُّ فِي ضَمَانِ الْمُسْتَحِقِّ وَتَكُونُ الْغَلَّةُ لَهُ وَيَجِبُ التَّوْفِيقُ بِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا حَتَّى يُقْضَى لَهُ بِهِ وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْغَلَّةَ لِلَّذِي هِيَ فِي يَدِهِ حَتَّى يُقْضَى بِهَا لِلطَّالِبِ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا يَجِبُ تَوْقِيفُ الْأَصْلِ الْمُسْتَحَقِّ تَوْقِيفًا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَلَا تَوْقِيفُ غَلَّتِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنَّ الرِّبَاعَ الَّتِي لَا تُحَوَّلُ وَلَا تَزُولُ لَا تُوقَفُ مِثْلُ مَا يُحَوَّلُ وَيَزُولُ وَإِنَّمَا تُوقَفُ وَقْفًا يَمْنَعُ مِنْ الْإِحْدَاثِ فِيهَا، وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ إذَا ثَبَتَ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ أَوْ شَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَالثَّالِثُ إذَا شَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ وَاحِدٌ، انْتَهَى. الْقَوْلَانِ الْأَخِيرَانِ بِاخْتِصَارٍ وَالْأَوَّلُ بِاللَّفْظِ.

(فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: وَاخْتُلِفَ فِي الْحَدِّ الَّذِي تَكُونُ بِهِ الثَّمَرَةُ فِي اسْتِحْقَاقِ الْأَصْلِ غَلَّةً فَيَسْتَوْجِبُهَا الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ بِبُلُوغِهَا إلَيْهِ إمَّا بِالْحُكْمِ وَالْقَضَاءِ وَإِمَّا بِثُبُوتِ الْحَقِّ بِشَهَادَةِ شَاهِدٍ وَإِمَّا بِأَنْ يَشْهَدَ لِلْمُسْتَحِقِّ شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَلَى الِاخْتِلَافِ الْمَذْكُورِ فِي ذَلِكَ فَرَوَى أَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الثَّمَرَةَ تَكُونُ لِلْمُسْتَحِقِّ مَا لَمْ تُجَذَّ وَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ مَا لَمْ تَيْبَسْ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالسَّقْيِ وَالْعِلَاجِ وَعَلَى مَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ مَا لَمْ تَطِبْ إذَا لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُسْتَحِقُّ مِنْهُ اشْتَرَى الْأُصُولَ قَبْلَ إبَارِ الثَّمَرَةِ

وَأَمَّا إنْ كَانَ بَعْدَ الْإِبَارِ فَالثَّمَرَةُ لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنْ جُذَّتْ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالسَّقْيِ وَالْعِلَاجِ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَعَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ تَكُونُ الثَّمَرَةُ لِلْمُسْتَحِقِّ مَا لَمْ تُجَذَّ فَإِنْ جُذَّتْ كَانَتْ لِلْمُشْتَرِي وَأَمَّا إنْ كَانَ اشْتَرَى الْأَصْلَ وَالثَّمَرَةُ مُزْهِيَةٌ فَاشْتَرَطَهَا فَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ إنَّ الثَّمَرَةَ تَكُونُ لِلْمُسْتَحِقِّ كَيْفَ كَانَتْ يَبِسَتْ أَوْ جُذَّتْ أَوْ بَاعَهَا أَوْ أَكَلَهَا وَيَغْرَمُ الْمَكِيلَةَ إنْ عَرَفَهَا وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ وَفِي الْبَيْعِ يَغْرَمُ الثَّمَنَ الَّذِي بَاعَهَا إنْ فَاتَتْ أَوْ كَانَتْ بِيَدِ مُبْتَاعِهَا فَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي أَخْذِهَا أَوْ إنْفَاذِ بَيْعِهِ أَوْ أَخْذِ الثَّمَنِ وَإِنْ تَلِفَتْ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ فَلَيْسَ إلَّا الثَّمَنُ وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا لَا تَصِيرُ غَلَّةً لِلْمُبْتَاعِ إلَّا بِالْيُبْسِ أَوْ الْجِذَاذِ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي يَرَى أَنَّهَا تَصِيرُ لَهُ غَلَّةً بِالطِّيبِ فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهَا إذَا أَزْهَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ صَارَتْ لَهُ غَلَّةٌ بِطِيبِهَا وَيَأْخُذُ الْمُسْتَحِقُّ النَّخْلَ وَحْدَهَا وَيَرْجِعُ الْمُسْتَحِقُّ مِنْهَا عَلَى الْبَائِعِ بِمَا يَنُوبُهَا مِنْ الثَّمَنِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ مَا نَابَ الثَّمَرَةَ لِبَقَائِهَا بِيَدِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ اشْتِرَاؤُهُ إيَّاهَا مِنْ غَاصِبٍ أَوْ مُشْتَرٍ اشْتَرَاهَا بَعْدَ الْإِبَارِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَهِيَ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ اشْتَرَاهَا قَبْلَ الْإِبَارِ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ اشْتَرَاهَا بِثَمَرَتِهَا بَعْدَ الْإِبَارِ وَالثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ اشْتَرَاهَا بِثَمَرَتِهَا بَعْدَ الْإِزْهَاءِ وَالطِّيبِ، انْتَهَى.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي الْبَيَانِ فِي شَرْحِ الْمَسْأَلَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي الْحَدِّ الَّذِي يَدْخُلُ بِهِ الشَّيْءُ الْمُسْتَحَقُّ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ مَا نَصُّهُ: وَكَذَلِكَ أَيْضًا النَّفَقَةُ الْقِيَاسُ فِيهَا أَنْ تَجْرِيَ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَجِبُ لِلْمُقْضَى عَلَيْهِ الرُّجُوعُ بِشَيْءٍ مِنْ النَّفَقَةِ عَلَى الْمُقْضَى لَهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَنْفَقَ عَلَى مَا ضَمَانُهُ مِنْهُ فَغَلَّتُهُ لَهُ وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي يَجِبُ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَ بَعْدَ ثُبُوتِ الْحَقِّ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ أَوْ شَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ لِوُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ وَكَوْنِ الْغَلَّةِ لَهُ مِنْ حِينَئِذٍ وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّالِثِ يَجِبُ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَ مُنْذُ وُقِفَ بِشَهَادَةِ الشَّاهِدِ لِوُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ وَكَوْنِ الْغَلَّةِ لَهُ مِنْ حِينَئِذٍ وَقَدْ فُرِّقَ فِي رَسْمِ حَمَلَ صَبِيًّا مِنْ رِوَايَةِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الصُّلْحِ بَيْنَ النَّفَقَةِ وَالْغَلَّةِ فَقَالَ: إنَّ النَّفَقَةَ مِمَّنْ تَصِيرُ لَهُ وَالْغَلَّةُ لِلَّذِي هُوَ فِي يَدَيْهِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْهُ وَسَاوَى بَيْنَ ذَلِكَ عِيسَى مِنْ رِوَايَتِهِ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَكَذَلِكَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْغَلَّةِ وَالنَّفَقَةِ، وَالصَّوَابُ أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي أَنْ يَكُونَا جَمِيعًا لِلضَّمَانِ إمَّا مِنْ يَوْمِ وُجُوبِ التَّوْقِيفِ بِشَهَادَةِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ وَإِمَّا مِنْ يَوْمِ وُجُوبِهِ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ وَإِمَّا مِنْ يَوْمِ الْقَضَاءِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015