ذِمِّيٌّ عَلَى الْإِسْلَامِ لَمْ يَكُنْ إسْلَامُهُ إسْلَامًا إنْ رَجَعَ عَنْهُ وَإِنْ ادَّعَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ لِلْإِكْرَاهِ؛ لِأَنَّ الذِّمَّةَ الَّتِي عُقِدَتْ لَهُمْ تَمْنَعُ مِنْ إكْرَاهِهِمْ فَإِكْرَاهُهُمْ عَلَى ذَلِكَ ظُلْمٌ، انْتَهَى.
وَفِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الْقِسْمِ الثَّالِثِ مِنْ تَبْصِرَةِ ابْنِ فَرْحُونٍ فِي الدَّعَاوَى بِالتُّهَمِ وَالْعُدْوَانِ مَا نَصُّهُ: إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ التُّهْمَةِ فَهَذَا النَّوْعُ لَا تَجُوزُ عُقُوبَتُهُ اتِّفَاقًا وَاخْتُلِفَ فِي عُقُوبَةِ الْمُتَّهَمِ لَهُ عَلَى قَوْلَيْنِ وَالصَّحِيحُ مِنْهُمَا أَنَّهُ يُعَاقَبُ ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِ الْفَصْلِ: قَالَ الْبَاجِيُّ: وَإِذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَجْهُولَ الْحَالِ فَظَاهِرُ مَا فِي الْمَذْهَبِ يَقْتَضِي أَنَّ الْأَدَبَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْيَمِينُ وَفِي الْوَاضِحَةِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يُخَلَّى سَبِيلُهُ دُونَ يَمِينٍ وَقَدْ أَطَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي هَذَا الْفَصْلِ الْكَلَامَ فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ: وَفِي حَلِفِ الْمَجْهُولِ قَوْلَانِ. يُشِيرُ إلَى كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ الْمُتَقَدِّمِ وَكَلَامِ الْبَاجِيِّ الَّذِي نَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَانْظُرْ مَا ذَكَرَهُ الْبِسَاطِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي ثَانِي مَسْأَلَةٍ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى مِنْ كِتَابِ الْغَصْبِ فِيمَنْ عُرِفَ بِالْغَصْبِ لِأَمْوَالِ النَّاسِ فَسُئِلَ صَاحِبُ الْحَقِّ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ غَصَبَهُ مَا يَدَّعِيهِ فَلَا يَجِدُهَا عَلَى حُضُورِ الْغَصْبِ وَمُعَايَنَتِهِ لَكِنَّهُمْ إنَّمَا كَانُوا يَعْرِفُونَ الْحَقَّ لِلْمُدَّعِي إلَى أَنْ صَارَ بِيَدِ الظَّالِمِ لَا يَدْرُونَ كَيْفَ صَارَ إلَيْهِ إلَّا أَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ كَانَ يَشْكُو إلَيْهِمْ أَنَّهُ غَصَبَهُ أَوْ سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْ جِيرَانِهِمْ أَوْ لَا يَذْكُرُونَ شَيْئًا أَنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ لِلْمُدَّعِي أَخْذَ حَقِّهِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ الظَّالِمُ بِبَيِّنَةٍ عَلَى اشْتِرَاءٍ صَحِيحٍ أَوْ عَطِيَّةٍ مِمَّنْ كَانَ يَأْمَنُ ظُلْمَهُ أَوْ يَأْتِيَ بِوَجْهِ حَقٍّ يُنْظَرُ فِيهِ فَإِنْ جَاءَ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى أَنَّهُ اشْتَرَى فَزَعَمَ الْبَائِعُ أَنَّ ذَلِكَ الْبَيْعَ كَانَ خَوْفًا مِنْ شَرِّهِ وَهُوَ مِمَّنْ يَقْدِرُ عَلَى الْعُقُوبَةِ إنْ امْتَنَعَ مِنْ مُبَايَعَتِهِ قَالَ: أَرَى أَنْ يُفْسَخَ ذَلِكَ الْبَيْعُ إذَا ثَبَتَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مَوْصُوفٌ بِمَا زَعَمَ الْبَائِعُ مِنْ اسْتِطَالَتِهِ وَظُلْمِهِ وَأَنَّهُ قَدْ عَمِلَ ذَلِكَ بِغَيْرِهِ.
(قُلْت) فَإِنْ زَعَمَ الْبَائِعُ أَنَّهُ إنَّمَا دَفَعَ إلَيْهِ الثَّمَنَ فِي الْعَلَانِيَةِ ثُمَّ دَسَّ إلَيْهِ مَنْ يَأْخُذُهُ مِنْهُ سِرًّا وَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ لَقِيَ مِنْهُ شَرًّا قَالَ: لَا أَرَى أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ دَفْعُ الثَّمَنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ الظَّالِمُ بِاَللَّهِ لَقَدْ دَفَعَ إلَيْهِ الثَّمَنَ ثُمَّ لَمْ يَرْتَجِعْهُ وَلَمْ يَأْخُذْهُ مِنْهُ بَعْدَ دَفْعِهِ إلَيْهِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: أَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الظَّالِمَ الْمَعْرُوفَ بِالْغَصْبِ لَا يَنْتَفِعُ بِالْحِيَازَةِ وَإِنْ طَالَتْ فَلَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا وَأَمَّا إنْ ثَبَتَ الشِّرَاءُ وَدَفْعُ الثَّمَنِ فَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْهُ فِي السِّرِّ فَهُوَ مُدَّعٍ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْغَاصِبِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ يَحْيَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا عُرِفَ بِالْعَدَاءِ وَالظُّلْمِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَعَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ وَهُوَ إغْرَاقٌ إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ دَفَعَ إلَيْهِ الثَّمَنَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْهُ وَأَمَّا لَوْ لَمْ يُقِرَّ بِقَبْضِ الثَّمَنِ وَقَالَ: إنَّمَا أَشْهَدْت لَهُ عَلَى نَفْسِي بِقَبْضِهِ تَقِيَّةً عَلَى نَفْسِي لَأَشْبَهُ أَنْ يُصَدَّقَ فِي ذَلِكَ مَعَ يَمِينِهِ فِي الْمَعْرُوفِ بِالْغَصْبِ وَإِنَّمَا يَكُونُ قَوْلُ يَحْيَى مِنْ تَصْدِيقِ الْبَائِعِ فِيمَا ادَّعَى مِنْ أَنَّهُ دَسَّ إلَيْهِ مَنْ أَخَذَ مِنْهُ الثَّمَنَ فِي السِّرِّ إذَا شَهِدَ لَهُ أَنَّهُ قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ بِغَيْرِهِ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ، انْتَهَى.
ص (وَضَمِنَ بِالِاسْتِيلَاءِ)
ش: تَصَوُّرُهُ وَاضِحٌ سُئِلْت عَنْ رَجُلٍ غَصَبَ بَعِيرًا أَوْ سَرَقَهُ ثُمَّ إنَّهُ ضَلَّ مِنْهُ فَجَعَلَ جُعْلًا لِمَنْ يَأْتِيهِ بِهِ فَأَتَاهُ بِهِ شَخْصٌ فَأَخَذَهُ وَغَابَ فَهَلْ لِرَبِّ الْجَمَلِ مُطَالَبَةُ الَّذِي أَتَى بِالْجَمَلِ بَعْدَ هُرُوبِهِ أَمْ لَا؟ فَأَجَبْت بِأَنَّهُ إنْ كَانَ عَالِمًا بِأَنَّهُ غَصَبَهُ أَوْ سَرَقَهُ فَإِنَّهُ ضَامِنٌ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ يَتَعَدَّى وَيُوَكِّلُ غَيْرَهُ فَحَيْثُ لَا يَجُوزُ لَهُ فَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ هَذَا التَّفْصِيلَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (أَوْ ذَبَحَ شَاةً)
ش: قَالَ