يُعْتَقُونَ جَمِيعًا عَلَى مَا قَالَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ إذْ قَدْ صَحَّ الْمِيرَاثُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَا يَدْرِي مَنْ هُوَ مِنْهُمْ، فَإِنْ ادَّعَاهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قُسِمَ بَيْنَهُمْ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ إنْ حَلَفُوا جَمِيعًا أَوْ نَكَلُوا، وَإِنْ حَلَفَ بَعْضُهُمْ اخْتَصَّ بِهِ دُونَ النَّاكِلِ، وَإِنْ قَالُوا: لَا عِلْمَ عِنْدَنَا كَانَ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمْ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَنْ أَرَادَهُ الْمَيِّتُ مِنْهُمْ عَلَى الْخِلَافِ فِي لُحُوقِ يَمِينِ التُّهْمَةِ وَإِنْ عَتَقَ بَعْضُهُمْ يَعْنِي عَلَى الْقَوْلِ بِهِ كَانَ لَهُ حَظُّهُ مِنْ الْإِرْثِ، وَيُوقَفُ حَظُّ مَنْ لَمْ يُعْتَقْ، فَإِنْ عَتَقَ أَخَذَهُ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُعْتَقَ رُدَّ إلَى الْوَرَثَةِ انْتَهَى مُخْتَصَرًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَإِنْ افْتَرَقَتْ أُمَّهَاتُهُمْ فَوَاحِدٌ بِالْقُرْعَةِ)
ش: قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَيَكُونُ الْحُكْمُ فِي الْمِيرَاثِ عَلَى قِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ انْتَهَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَإِذَا وَلَدَتْ زَوْجَةُ رَجُلٍ وَأَمَةُ آخَرَ)
ش: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي أَوَّلِ نَوَازِلِ سَحْنُونٍ مِنْ كِتَابِ الِاسْتِلْحَاقِ وَفَرَضَهَا كَمَا فَرَضَهَا الْمُصَنِّفُ فِي زَوْجَةِ رَجُلٍ وَأَمَةِ آخَرَ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: الْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَدَّعِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَبِيًّا بِعَيْنِهِ غَيْرَ الَّذِي ادَّعَاهُ صَاحِبُهُ، وَيُلْحِقُهُ بِنَفْسِهِ وَيَنْفِي الْآخَرُ عَنْ نَفْسِهِ، وَالْوَاجِبُ أَنْ يَلْحَقَ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَنْ ادَّعَاهُ وَالثَّانِي: أَنْ يَقُولَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا أَدْرِي أَيُّهُمَا وَلَدِي، وَالْحُكْمُ فِي ذَلِكَ أَنْ تُدْعَى الْقَافَةُ وَلَوْ أَرَادَا فِي هَذَا الْوَجْهِ أَنْ يَصْطَلِحَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَدًا يَكُونُ ابْنَهُ مَعَ كَوْنِهِ لَا يَدَّعِي عِلْمَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا ذَلِكَ بَلْ تُدْعَى الْقَافَةُ وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنْ يَدَّعِيَا جَمِيعًا صَبِيًّا وَاحِدًا مِنْهُمَا يَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا هَذَا ابْنِي، وَيَتَنَازَعَانِ فِيهِ، وَيَنْفِيَانِ الْآخَرَ عَنْهُمَا قَالَ: وَالْوَاجِبُ فِي هَذَا عِنْدِي عَلَى أُصُولِهِمْ أَنْ تُدْعَى لَهُ الْقَافَةُ أَيْضًا إذْ لَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَنْفِيَا الْآخَرَ عَنْ أَنْفُسِهِمَا، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ ابْنُ أَحَدِهِمَا، وَاَلَّذِي ادَّعَيَاهُ جَمِيعًا لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى بِهِ مِنْ صَاحِبِهِ انْتَهَى.
وَلَا يُعْتَرَضُ عَلَى هَذَا بِأَنَّ الْقَافَةَ لَا يُحْكَمُ بِهَا فِي أَوْلَادِ الْحَرَائِرِ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الِاسْتِلْحَاقِ، وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي ذَلِكَ هُوَ قُوَّةُ الْفِرَاشِ فِي النِّكَاحِ، فَيُلْحَقُ الْوَلَدُ بِصَاحِبِ الْفِرَاشِ الصَّحِيحِ دُونَ الْفَاسِدِ، وَذَلِكَ مَعْدُومٌ إذْ لَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِ الْفِرَاشَيْنِ عَلَى الْآخَرِ لِصِحَّتِهِمَا جَمِيعًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَرْعٌ) : قَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي مَسَائِلِ النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ: إذَا فُرِضَ عَدَمُ الْقَافَةِ، فَإِنَّهُ إذَا كَبِرَ الْوَلَدُ وَالَى أَيَّهُمَا شَاءَ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا أُشْكِلَ الْأَمْرُ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ وَرِثَاهُ، وَإِنْ مَاتَا وَرِثَهُمَا مَعًا انْتَهَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ وَجَدَتْ مَعَ ابْنَتِهَا أُخْرَى لَا تُلْحَقُ بِهِ وَاحِدَةٌ)
ش: كَذَا فَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ لَمَّا ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى أَتَى بَعْدَهَا بِهَذِهِ، وَنَسَبَهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ لَكِنَّهُ زَادَ بَعْدَ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ سَحْنُونٌ: الْقَافَةُ فَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ كَأَنَّهُ أَتَى بِهَذَا الْفَرْعِ إثْرَ الْأَوَّلِ إشَارَةً إلَى التَّعَارُضِ بَيْنَهُمَا، فَكَأَنَّهُ أَشَارَ إلَى التَّخْرِيجِ يَعْنِي تَخْرِيجَ الْخِلَافِ مِنْ الثَّانِيَةِ فِي الْأُولَى كَذَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَهُوَ تَخْرِيجٌ ظَاهِرٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ