إذَا قَالَ فُلَانٌ: وَارِثِي وَلَمْ يُفَسِّرْ حَتَّى مَاتَ إنَّ لَهُ جَمِيعَ الْمِيرَاثِ إنْ كَانَ الْمُقِرُّ مِمَّنْ يُظَنُّ بِهِ أَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مَنْ يَرِثُهُ مِمَّنْ لَا يَرِثُهُ، وَأَمَّا الْجَاهِلُ الَّذِي لَا يَعْلَمُ مَنْ يَرِثُهُ مِمَّنْ لَا يَرِثُهُ فَقَوْلُهُ فُلَانٌ وَارَثَى حَتَّى يَقُولَ: ابْنُ عَمِّي أَوْ ابْنُ ابْنِ عَمِّي أَوْ مَوْلَايَ أَوْ أَعْتَقَنِي أَوْ أَعْتَقَ أَبِي أَوْ أَعْتَقَ مَنْ أَعْتَقَنِي أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَكَذَا إنْ قَالَ: فُلَانٌ أَخِي قَاصِدًا لِلْإِشْهَادِ لَهُ بِالْمِيرَاثِ كَقَوْلِهِ أُشْهِدُكُمْ أَنَّ هَذَا يَرِثُنِي أَوْ يُقَالُ لَهُ هَلْ لَك وَارِثٌ فَقَالَ: نَعَمْ هَذَا أَخِي وَشِبْهُ ذَلِكَ، وَأَمَّا إنْ قَالَ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ هَذَا أَخِي أَوْ فُلَانٌ أَخِي وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ، فَلَا يَرِثُ مِنْ مَالِهِ إلَّا السُّدُسَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَخًا لِأُمِّهِ، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ فُلَانٌ أَخِي أَوْ هَذَا أَخِي، وَإِنَّمَا سَمِعُوهُ يَقُولُ: يَا أَخِي يَا أَخِي لَمْ يَجِبْ لَهُ بِذَلِكَ مِيرَاثٌ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يَقُولُ أَخِي أَخِي لِمَنْ لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ إلَّا أَنْ تَطُولَ الْمُدَّةُ السِّنِينَ، وَكُلُّ وَاحِدٍ يَدْعُو صَاحِبَهُ بِاسْمِ الْأُخُوَّةِ أَوْ الْعُمُومَةِ فَإِنَّهُمَا يَتَوَارَثَانِ انْتَهَى.
(الْخَامِسُ) : فَإِنْ مَاتَ الْمُقَرُّ لَهُ فِي حَيَاةِ الْمُقِرِّ، ثُمَّ مَاتَ الْمُقِرُّ وَقَامَ أَوْلَادُ الْمُقَرِّ لَهُ بِهَذَا الْإِقْرَارِ لَمْ يَجِبْ لَهُمْ بِهِ مِيرَاثُ الْمُقِرِّ إذَا لَمْ يُقِرَّ إلَّا لِلْمَيِّتِ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَاقِيًا فِي حِينِ مَوْتِهِ فَوَلَدُهُ الْمَذْكُورُ بَنُو ابْنِ عَمِّهِ وَوَرِثَهُ الْمُحِيطُونَ بِمِيرَاثِهِ قَالَهُ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ الْمَسْأَلَةَ فِي الِاسْتِلْحَاقِ عَنْ ابْنِ سَهْلٍ قَائِلًا أَفْتَى أَكْثَرُ أَهْلِ بَطْلَيُوسَ أَنَّ الْوَلَدَ يَرِثُ الْمُقِرَّ وَإِنْ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ بَطْلَيُوسَ وَابْنِ مَالِكٍ وَابْنِ عَتَّابٍ أَفْتَوْا بِأَنَّهُ لَا يَرِثُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(السَّادِسُ) : قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمٍ بَاعَ غُلَامًا مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الِاسْتِلْحَاقِ: لَا يَجُوزُ الْإِقْرَارُ بِوَارِثٍ إذَا كَانَ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفُ النَّسَبِ أَوْ وَلَاءٌ إلَّا فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ الْإِقْرَارُ بِوَلَدٍ أَوْ وَلَدِ وَلَدٍ أَوْ أَبٍ أَوْ جَدٍّ أَوْ زَوْجَةٍ إذَا كَانَ مَعَهَا وَلَدٌ فَأَمَّا إذَا أَقَرَّ بِوَلَدٍ، فَيُلْحَقُ بِهِ نَسَبُهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي ذَكَرْنَا عَلَى اتِّفَاقٍ وَاخْتِلَافٍ، وَأَمَّا إذَا أَقَرَّ بِوَلَدِ وَلَدٍ، فَلَا يُلْحَقُ بِهِ إلَّا أَنْ يُقِرَّ بِهِ الْوَلَدُ، فَيَكُونُ هُوَ مُسْتَلْحِقَهُ أَوْ يَكُونُ قَدْ عَرَفَ أَنَّهُ وَلَدُهُ، فَيَكُونُ إنَّمَا اسْتَلْحَقَ هُوَ الْوَلَدَ، وَكَذَلِكَ الْوَلَدُ إذَا أَقَرَّ بِأَبٍ فَلَا يُلْحَقُ بِهِ، وَيَرِثُهُ إلَّا إذَا أَقَرَّ بِهِ الْأَبُ، فَيَكُونُ الْأَبُ هُوَ الَّذِي اسْتَلْحَقَهُ، وَأَمَّا إذَا أَقَرَّ بِجَدٍّ فَلَا يُلْحَقُ بِهِ إلَّا أَنْ يُقِرَّ الْجَدُّ بِابْنِهِ، وَيُقِرُّ أَبُوهُ بِهِ فَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ اسْتَلْحَقَ ابْنَهُ، وَأَمَّا إذَا أَقَرَّ بِزَوْجَةٍ لَهَا وَلَدٌ أَقَرَّ بِهِ فَإِقْرَارُهُ بِالْوَلَدِ يَرْفَعُ التُّهْمَةَ بِالزَّوْجَةِ، فَتَرِثُهُ وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ الزَّوْجِيَّةُ وَلَا عُرِفَتْ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ. انْتَهَى.
وَانْظُرْ كَلَامَ ابْنِ سَهْلٍ وَكَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ فِي آخِرِ كِتَابِ الِاسْتِلْحَاقِ وَمُخْتَصَرِ الْحَوفِيِّ لِابْنِ عَرَفَةَ.
(السَّابِعُ) : فَإِنْ أَقَرَّ هَذَا الْمَشْهُودُ لِآخَرَ أَنَّهُ وَارِثُهُ أَوْ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ بَعْدَ إقْرَارِهِ الْأَوَّلِ بَطَلَ الْآخَرُ أَيْ الْإِقْرَارُ الثَّانِي قَالَهُ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ (الثَّامِنُ) : إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ، وَدَفَعَ لِلْمُسْتَلْحِقِ عَلَى أَحَدِ الْمَشْهُورِينَ الْمِيرَاثَ، ثُمَّ جَاءَ شَخْصٌ وَأَثْبَتَ أَنَّهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الْمَالَ مِنْ الْمُسْتَلْحِقِ الْمَذْكُورِ قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
ص (وَإِنْ قَالَ لِأَوْلَادِ أَمَتِهِ أَحَدُهُمْ وَلَدِي عَتَقَ الْأَصْغَرُ وَثُلُثَا الْأَوْسَطِ وَثُلُثُ الْأَكْبَرِ)
ش: هَكَذَا قَالَ سَحْنُونٌ فِي نَوَازِلِهِ مِنْ كِتَابِ الِاسْتِلْحَاقِ وَحَصَّلَ ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِهَا أَنَّ الْأَصْغَرَ حُرٌّ بِلَا خِلَافٍ، وَفِي الْأَوْسَطِ وَالْأَكْبَرِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ الْأَوَّلُ مَا فِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَقَالَ: هُوَ أَضْعَفُ الْأَقْوَالِ قَالَ:؛ لِأَنَّا لَا نُحِيطُ عِلْمًا أَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ، وَلَا يَحْتَمِلُهُ لَفْظُهُ وَالثَّانِي الْقُرْعَةُ وَالثَّالِثُ: أَنَّهُمَا يُعْتَقَانِ أَيْضًا لِلشَّكِّ، وَخَرَّجَهُ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ أَعْنِي قَوْلَهُ، وَإِنْ أَقَرَّ مَيِّتٌ بِأَنَّ فُلَانَةَ إلَخْ وَاسْتَظْهَرَهُ (قُلْت) : وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ غَيْرُ مَنْصُوصٍ، وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي النَّوَادِرِ وَابْنُ يُونُسَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَالرَّابِعُ: أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ مِنْهُمَا وَاحِدٌ.
(فَرْعٌ) : قَالَ فِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ: وَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ.
(فَرْعٌ) : قَالَ فِيهَا أَيْضًا، وَلَا مِيرَاثَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: فِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي يُوجِبُهُ النَّظَرُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ حَظُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمِيرَاثِ بَيْنَهُمْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمْ