فَإِمَّا وَلَدُك أَوْ بَعْضُ عِيَالِك فَمَنْ فَعَلَهُ لِيَكْفِيَك مُؤْنَتَهَا فَذَلِكَ مُجْزِئٌ يَقُومُ مِنْهَا إذَا كَانَ رَبْعٌ بَيْنَ أَخٍ وَأُخْتٍ وَكَانَ الْأَخُ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى عَقْدَ كِرَائِهِ وَقَبَضَهُ سِنِينَ مُتَطَاوِلَةً فَجَاءَتْ أُخْتُهُ تُطَالِبُ بِمَنَابِهَا مِنْ الْكِرَاءِ فِي جَمِيعِ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَزَعَمَتْ أَنَّهَا لَمْ تَقْبِضْ شَيْئًا، وَادَّعَى هُوَ دَفْعَهُ لَهَا أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ إذْ هُوَ وَكِيلُهَا بِالْعَادَةِ، وَوَقَعَتْ بِالْمَدِينَةِ الْمُهْدِيَةِ، وَأَفْتَى فِيهَا بَعْضُ شُيُوخِنَا بِمَا ذَكَرْنَاهُ دُونَ اسْتِنَادٍ لِدَلِيلٍ أَوْ تَأَخَّرَ الْحُكْمُ بَيْنَهُمَا حَتَّى مَاتَ يَعْنِي الْمُفْتِي، وَهُوَ ابْنُ عَرَفَةَ فَأَفْتَى فِيهَا شَيْخُنَا أَبُو مَهْدِيٍّ بِعَكْسِهِ وَجِيءَ لِقَاضِيهَا بِالْفَتْوَتَيْنِ فَتَوَقَّفَ حَتَّى وَصَلَ تُونُسَ فَنَاوَلَ شَيْخَنَا أَبَا مَهْدِيٍّ مَا أَفْتَى بِهِ فَقَالَ: نَعَمْ هَذَا خَطِّي، ثُمَّ نَاوَلَهُ مَا أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ الْمَذْكُورُ فَكَتَبَ تَحْتَهُ رَأَى - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ وَكِيلٌ بِالْعَادَةِ فَقُبِلَ قَوْلُهُ وَبِهِ أَقُولُ وَقَطَعَ مَا أَفْتَى بِهِ وَأَرَاهُ أَنْ يَحْكُمَ بِمَا أَفْتَى الشَّيْخُ الْمَذْكُورُ وَكَانَ يَقُولُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا خَالَفْتَهُ فِي حَيَاتِهِ وَلَا أُخَالِفُهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ نَاجِي وَبَعْضِ شُيُوخِهِ هُوَ ابْنُ عَرَفَةَ كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا يَعْنِي ابْنَ عَرَفَةَ.
ص (وَلِأَحَدِ الْوَكِيلَيْنِ الِاسْتِبْدَادُ إلَّا لِشَرْطٍ)
ش: مَا ذَكَرَهُ ابْنُ غَازِيٍّ هُنَا كَافٍ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِكَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَنَحْوِ عِبَارَتِهِ لِصَاحِبِ الْإِرْشَادِ فِي إرْشَادِهِ وَفِي مُعْتَمَدِهِ وَشَرْحِهِ وَاعْتَرَضَهُ الشَّيْخُ سُلَيْمَانُ بِمَا اعْتَرَضَ بِهِ الْمُصَنِّفُ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَإِنْ بِعْتَ وَبَاعَ فَالْأَوَّلُ إلَّا لِقَبْضٍ) ش قَالَ فِي كِتَابِ الْوَكَالَاتِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ (تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ) : إنَّمَا يَكُونُ الثَّانِي أَحَقَّ إذَا قَبَضَ السِّلْعَةَ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِبَيْعِ الْأَوَّلِ لَا هُوَ وَلَا الَّذِي بَاعَهُ أَمَّا إنْ بَاعَ الثَّانِي مِنْهُمَا، وَهُوَ عَالِمٌ بِبَيْعِ الْأَوَّلِ، وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي السِّلْعَةَ، وَهُوَ يَعْلَمُ ذَلِكَ فِي وَقْتِ قَبْضِهِ فَالْأَوَّلُ أَوْلَى قَالَهُ فِي رَسْمِ نَذْرِ سَنَةٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْبَضَائِعِ وَالْوَكَالَاتِ.
(الثَّانِي) : إذَا أَكْرَى الْوَكِيلُ وَالْمُوَكِّلُ، فَهِيَ لِلْأَوَّلِ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الرَّسْمِ الْمَذْكُورِ وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ مَنْ قَبَضَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَلَكَ قَبْضُ سَلَمِهِ لَك إنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ) ش قَالَ فِي كِتَابِ السَّلَمِ الثَّانِي مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَلَكَ قَبْضُ مَا أَسْلَمَ لَكَ فِيهِ وَكِيلُك بِغَيْرِ حَضْرَتِهِ وَيَبْرَأُ إذَا دَفَعَهُ إلَيْكَ إنْ كَانَتْ لَكَ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ أَسْلَمَهُ لَك وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَفَعَ إلَيْكَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ فَالْمَأْمُورُ أَوْلَى بِقَبْضِهِ مِنْك قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: قَالَ ابْنُ يُونُسَ: حُكِيَ عَنْ الْقَابِسِيِّ أَنَّهُ قَالَ: وَلَوْ أَقَرَّ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ بِأَنَّ الْمَأْمُورَ أَقَرَّ عِنْدَهُ أَنَّ الطَّعَامَ لِلْمُقِرِّ لَهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِهَا، وَلَا يَكُونُ شَاهِدًا؛ لِأَنَّ فِي شَهَادَتِهِ مَنْفَعَةً لَهُ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُفْرِغَ ذِمَّتَهُ.
قَالَ: وَقَدْ رَأَى بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالدَّفْعِ إلَى الْمَقَرِّ لَهُ فَإِنْ جَاءَ الْمَأْمُورُ فَصَدَّقَهُ بَرِئَ وَإِلَّا غَرِمَ لَهُ ثَانِيَةً وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: إنَّ مَا قَالَهُ الْقَابِسِيُّ مِنْ أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ لَا يَكُونُ شَاهِدًا نَحْوُهُ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: شَهَادَتُهُ فِي هَذَا جَائِزَةٌ إذَا كَانَ عَدْلًا وَيَحْلِفُ الْمُقِرُّ مَعَهُ: وَيَسْتَحِقُّ وَلَا تُهْمَةَ فِي ذَلِكَ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ انْتَهَى. فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ هَلْ يُقْضَى عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ أَوْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْقَضَاءِ فَهَلْ يَكُونُ شَاهِدًا؟
قَوْلَانِ قَالَ فِي الشَّامِلِ وَفِي جَبْرِ مُسْلِمٍ إلَيْهِ عَلَى الدَّفْعِ لِمَنْ أَقَرَّ لَهُ الْمُسْلِمُ الْغَائِبُ قَوْلَانِ وَفِي كَوْنِهِ كَشَاهِدٍ إنْ كَانَ عَدْلًا يَحْلِفُ مَعَهُ الْمُسْتَحِقُّ، وَيَأْخُذُ ذَلِكَ قَوْلَانِ أَمَّا إنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ فَلَهُ قَبْضُهُ اتِّفَاقًا انْتَهَى. وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الْقَابِسِيِّ مِنْ عَدَمِ جَبْرِهِ عَلَى الدَّفْعِ هُوَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي الْمَعُونَةِ فَقَالَ: إذَا وَكَّلَهُ عَلَى قَبْضِ دَيْنٍ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَوْ وَدِيعَةٍ عِنْدَهُ فَصَدَّقَ الْغَرِيمُ الْوَكِيلَ وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ بَيِّنَةٌ، فَلَا يُجْبَرُ الْغَرِيمُ عَلَى دَفْعِ الشَّيْءِ لِلْوَكِيلِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ