الْوَاطِئِ بَعْدَ أَنْ تَضَعَ فِيمَا لَزِمَهُ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهَا فَيَأْخُذُهُ الشَّرِيكُ إنْ كَانَ كَفَافًا بِمَا لَزِمَ مِنْ نِصْفِ نَصِيبِ الْوَاطِئِ، وَتَبِعَهُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ دَيْنًا، وَإِنْ نَقَصَتْ مَا بِيعَتْ بِهِ عَنْ نِصْفِ قِيمَتِهَا يَوْمَ حَمَلَتْ أَتْبَعَهُ بِالنُّقْصَانِ مَعَ نِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ، وَلَوْ مَاتَتْ قَبْلَ الْحُكْمِ كَانَ عَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهَا مَعَ نِصْفِ قِيمَةِ وَلَدِهِ قَالَهُ فِي كِتَابِ الْقَذْفِ، وَسَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ.
ص (وَإِلَّا خُيِّرَ الْآخَرُ فِي إبْقَائِهَا وَتَقْوِيمِهَا)
ش: أَيْ، وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ، وَهَذَا هُوَ الْقِسْمُ الثَّالِثُ مِنْ الْوَجْهِ الثَّالِثِ وَهُوَ أَنْ يَطَأَ جَارِيَةَ الشَّرِكَةِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ وَلَمْ تَحْمِلْ، وَاخْتُلِفَ فِيهَا عَلَى أَقْوَالٍ الْمَشْهُورُ مِنْهَا أَنَّ الشَّرِيكَ الَّذِي لَمْ يَطَأْ مُخَيَّرٌ فِي أَنْ يُقَوِّمَهَا عَلَى الْوَاطِئِ، أَوْ يَتَمَاسَكَ بِحِصَّتِهِ مِنْهَا، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَفِي كِتَابِ الْقَذْفِ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ مِنْ كِتَابِ الِاسْتِبْرَاءِ: هَذَا قَوْلٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ انْتَهَى.
، وَقَالَ عِيَاضٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ فِي كِتَابِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ: وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ فَالْمَعْرُوفُ مِنْ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُفَسَّرُ فِيهَا فِي هَذَا الْكِتَابِ وَغَيْرِهِ أَنَّ سَيِّدَهَا بِالْخِيَارِ فِي التَّقْوِيمِ، وَالتَّمَاسُكِ، وَقَدْ جَاءَ لَفْظَانِ فِي كِتَابِ الشَّرِكَةِ ظَاهِرُهُمَا خِلَافُ هَذَا انْتَهَى.
وَصَدَّرَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِهَذَا الْقَوْلِ فَعَزَاهُ فِي التَّوْضِيحِ لِغَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَاعْتُرِضَ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ بِأَنَّ مُقْتَضَى الْمُدَوَّنَةِ إنَّمَا هُوَ التَّخْيِيرُ فِي إبْقَائِهَا عَلَى الشَّرِكَةِ، أَوْ إمْضَائِهَا بِالثَّمَنِ لَا بِالْقِيمَةِ وَكَأَنَّهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اعْتَمَدَ مَا حَكَى فِي تَوْضِيحِهِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ عُلَمَائِنَا أَنَّ الْأَمَةَ الْمُشْتَرَاةَ لِلتِّجَارَةِ ثُمَّ يَطَؤُهَا عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَشْتَرِيَهَا لِلتِّجَارَةِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ وَطْءٍ، ثُمَّ يَطَأَهَا، وَالثَّانِي أَنْ يَشْتَرِيَهَا لِيَطَأَهَا وَعَلَى أَنَّ الرِّبْحَ وَالْخَسَارَةَ فِيهَا عَلَى الْمَالِ وَهَذِهِ الثَّانِيَةُ هِيَ الَّتِي ذَكَرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيهَا الْخِلَافُ وَأَمَّا الْأُولَى فَيُخَيَّرُ شَرِيكُهُ بَيْنَ مُطَالَبَتِهِ بِالْقِيمَةِ، أَوْ تَرْكِهَا بَيْنَهُمَا إنْ لَمْ تَحْمِلْ انْتَهَى.
فَكَأَنَّهُ حَمَلَ مَا فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَالْقَذْفِ عَلَى الْأُولَى وَمَا فِي الشَّرِكَةِ عَلَى الثَّانِيَةِ وَاَلَّذِي فِي التَّنْبِيهَاتِ وَالْبَيَانِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فِيهِمَا التَّخْيِيرُ بَيْنَ أَنْ يَتَمَاسَكَ بِنَصِيبِهِ، أَوْ يُقَوِّمَهَا عَلَيْهِ، فَتَأَمَّلْهُ وَمَشَى - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي هَذَا الْكِتَابِ عَلَى الْمَشْهُورِ الْمَعْرُوفِ مِنْ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَى مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ قَوْلِهِ فِي إبْقَائِهَا، وَتَقْوِيمِهَا بِصِيغَةِ التَّفْعِيلِ مِنْ الْقِيمَةِ، وَيَقَعُ فِي كَثِيرٍ مِنْ النُّسَخِ وَمُقَاوَمَتِهَا بِصِيغَةِ الْمُفَاعِلَةِ، وَيَرْجِعُ إلَى الْأَوَّلِ بِتَكَلُّفٍ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ مُقَاوَاتُهَا، وَالْمُقَاوَاةُ الْمُزَايَدَةُ، وَهَذَا يُوَافِقُ مَا فِي كِتَابِ الشَّرِكَةِ لِمَالِكٍ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(تَنْبِيهٌ) عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا لِلشَّرِكَةِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ وَطْءٍ ثُمَّ يَطَأَهَا، أَوْ يَشْتَرِيَهَا لِلْوَطْءِ، وَعَلَى أَنَّ الرِّبْحَ وَالْخَسَارَةَ لِلْمَالِ، وَمِثْلُهُ أَيْضًا مَا إذَا اشْتَرَى الْأَمَةَ لِنَفْسِهِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ، وَوَطِئَهَا.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي الْبَيَانِ إثْرَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ: وَإِذَا تَمَسَّكَ الشَّرِيكُ بِنَصِيبِهِ وَلَمْ يُقَوِّمْهَا عَلَى شَرِيكِهِ مُنِعَ الشَّرِيكُ مِنْ الْغَيْبَةِ عَلَيْهَا لِئَلَّا يَعُودَ إلَى وَطْئِهَا وَيُعَاقَبَ عَلَى مَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا لَمْ يُعْذَرْ بِجَهْلِهِ إلَّا أَنَّ عُقُوبَتَهُ أَخَفُّ مِنْ عُقُوبَةِ الْعَالِمِ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ انْتَهَى.
(قُلْتُ:) هُوَ خِلَافُ قَوْلِهِ فِي كِتَابِ الْقَذْفِ: وَإِذَا وَطِئَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَمَةً بَيْنَهُمَا وَهُوَ عَالِمٌ بِالتَّحْرِيمِ لَمْ يُحَدَّ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ وَعَلَيْهِ الْأَدَبُ إلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِجَهْلٍ انْتَهَى.
وَفِي كِتَابِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ مِنْ التَّوْضِيحِ: وَيُؤَدَّبُ إلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِجَهَالَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ.
ص (وَإِنْ اشْتَرَطَا نَفْيَ الِاسْتِبْدَادِ فَعِنَانٌ)
ش: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: قَالَ عِيَاضٌ عِنَانٌ ضَبَطْنَاهُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ وَفِي بَعْضِ كُتُبِ اللُّغَةِ فَتْحُهَا وَلَمْ أَرَهُ انْتَهَى.
، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: مِنْهُمْ مَنْ يَضْبُطُهَا بِفَتْحِ الْعَيْنِ، وَمِنْهُمْ مَنْ