دَلِيلٌ هُوَ كَالنَّصِّ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِذَلِكَ، وَقَالَ لَمْ أُرِدْ أَنْ أَشْتَرِيَ لَكَ شَيْئًا فَاشْتَرَيْتُهُ لِنَفْسِي لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ وَكَانَ مَعَهُ شَرِيكًا شَاءَ، أَوْ أَبَى.

(فَرْعٌ) قَالَ فِي السُّؤَالِ الْمَذْكُورِ: فَإِنْ قَالَ: إنِّي أَشْرَكْتُكَ فِيهِ فُلَانًا وَفُلَانًا عِنْدَ الِاشْتِرَاءِ، وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِ قَالَ: أَرَى ذَلِكَ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا أَمَرَهُ، وَلَا يُصَدَّقُ فِي قَوْلِهِ إنَّهُ أَشْرَكَ فِيهِ " فُلَانًا وَفُلَانًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَيَدْخُلُ فِيهِ اللَّذَانِ يَزْعُمُ أَنَّهُ أَشْرَكَهُمَا بِذَلِكَ عَلَى اللَّذَيْنِ أَقَرَّ لَهُمَا إنْ كَانَ أَقَرَّ لَهُمَا بِالنِّصْفِ كَانَ لَهُمَا نِصْفُ مَا فِي يَدَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ فَلَهُمَا الثُّلُثُ مِمَّا بَقِيَ فِي يَدَيْهِ، أَوْ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ أَكْثَرُ فَعَلَى هَذَا يَحْسِبُ، وَلَا يُؤْخَذُ مَا فِي يَدَيْهِ كُلُّهُ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُمَا بِهَذَا الَّذِي فِي يَدَيْهِ، وَاَلَّذِي صَارَ لِصَاحِبِهِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: قَوْلُهُ: وَلَا يُصَدَّقُ فِي قَوْلِهِ إنَّهُ أَشْرَكَ فِيهِ فُلَانًا وَفُلَانًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّهُ أَشْرَكَهُمَا فِي ذَلِكَ لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَا أَحَقَّ بِالنِّصْفِ وَفِي ذَلِكَ اخْتِلَافٌ قِيلَ: إنَّهُ لَا يَكُونُ لَهُمَا إلَّا نِصْفُ النِّصْفِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَشْرَكَهُمَا فِي مَالِهِ، وَمَالِ غَيْرِهِ فَهُوَ يَقُولُ لَهُمَا إنِّي أَشْرَكْتُكُمَا فِي حَقِّي وَحَقِّ غَيْرِي فَلَيْسَ لَكُمَا إلَّا نِصْفُ مَا بِيَدِي وَالثَّانِي أَنَّهُ يَكُونُ لَهُمَا جَمِيعًا النِّصْفُ؛ لِأَنَّهُمَا يَقُولَانِ لَهُ اشْتَرَكْنَا فِي نِصْفِ ذَلِكَ وَلَك نِصْفُهُ وَأَسْلِمْهُ إلَيْنَا، وَهَذَا الْقَوْلُ الثَّانِي مُخَرَّجٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الْحَانُوتِ بَيْنَ رَجُلَيْنِ بَاعَ أَحَدُهُمَا نِصْفَهُ عَلَى الْإِشَاعَةِ انْتَهَى.

مُخْتَصَرًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (إلَّا لِلْوَطْءِ بِإِذْنِهِ)

ش: هَذَا هُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي قَالَ فِي التَّوْضِيحِ الثَّانِي أَنْ يَشْتَرِيَهَا لِلْوَطْءِ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ فَلَا شَكَّ أَنَّ شَرِيكَهُ أَسْلَفَهُ نِصْفَ ثَمَنِهَا وَأَنَّ رِبْحَهَا لَهُ وَعَلَيْهِ نَقْصُهَا انْتَهَى.

(قُلْتُ:) وَقَوْلُهُ: يَشْتَرِيَهَا لِلْوَطْءِ فِيهِ إجْمَالٌ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا لِنَفْسِهِ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ لِلْوَطْءِ، أَوْ غَيْرِهِ وَهَكَذَا نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَأَبُو الْحَسَنِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: الْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ يَشْتَرِيَهَا لِنَفْسِهِ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ عَلَى أَنْ يَضْمَنَهَا إنْ هَلَكَتْ فَلَهُ رِبْحُهَا وَعَلَيْهِ خَسَارَتُهَا، وَهَذَا قَدْ أَسْلَفَ شَرِيكَهُ نِصْفَ ثَمَنِهَا فَلَهُ النَّمَاءُ، وَعَلَيْهِ النُّقْصَانُ انْتَهَى.

وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَاهَا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ لِيَطَأَهَا وَعَلَى أَنَّهَا لِلشَّرِكَةِ بِمَعْنَى أَنَّ الرِّبْحَ وَالْخَسَارَةَ عَلَى الْمَالِ فَنَصَّ اللَّخْمِيُّ عَلَى أَنَّهَا كَالْمُحَلَّلَةِ فَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا رُدَّتْ لِلشَّرِكَةِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ حَتَّى وَطِئَهَا لَزِمَتْهُ قِيمَتُهَا مِنْ غَيْرِ خِيَارٍ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَهَذَا الْوَجْهُ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ اشْتَرَكَا فِي أَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ، وَافْتَرَقَا مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْأَوَّلَ اشْتَرَاهَا بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ وَالثَّانِيَ اشْتَرَاهَا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ، وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ: إنَّ مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا لِوَطْءٍ، أَوْ بِإِذْنِهِ بِجَرِّ اللَّفْظَيْنِ بِالْبَاءِ وَعَطْفِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بِأَوْ قَبْلَ قَوْلِهِ: إلَّا لِلْوَطْءِ أَتَمُّ فَائِدَةً حَسْبَمَا يَظْهَرُ بِالتَّأَمُّلِ، وَذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ النُّسْخَةَ تُفِيدُ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ فِي كِلَا الْوَجْهَيْنِ لَكِنْ فِي الْأَوَّلِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ وَفِي الثَّانِي بِإِذْنِهِ، وَيُفِيدُ أَنَّ التَّخْيِيرَ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَطَأْ.

ص (وَإِنْ وَطِئَ جَارِيَةً لِلشَّرِكَةِ بِإِذْنِهِ، أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَحَمَلَتْ قُوِّمَتْ)

ش: هَذَا هُوَ الْوَجْهُ الثَّالِثُ، وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ الْجَارِيَةَ لِلشَّرِكَةِ ثُمَّ يَطَؤُهَا، وَهَذَا الْوَجْهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ أَحَدُهَا أَنْ يَطَأَهَا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ فَهَذِهِ مُحَلَّلَةٌ يَلْزَمُ الْوَاطِئَ قِيمَتُهَا حَمَلَتْ، أَوْ لَمْ تَحْمِلْ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ بِإِذْنِهِ، وَجَوَابُهَا مَحْذُوفٌ أَيْ قُوِّمَتْ سَوَاءٌ حَمَلَتْ، أَوْ لَمْ تَحْمِلْ وَمِثْلُهُ مَا إذَا اشْتَرَاهَا لِيَطَأَهَا عَلَى أَنَّ رِبْحَهَا وَخُسْرَهَا عَلَى الْمَالِ وَوَطِئَهَا كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ اللَّخْمِيِّ، وَالثَّانِي أَنْ يَطَأَ جَارِيَةَ الشَّرِكَةِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ، وَتَحْمِلُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَحَمَلَتْ قُوِّمَتْ فَقَوْلُهُ وَحَمَلَتْ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ قَيْدٌ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي.

(تَنْبِيهٌ) هَذَانِ الْوَجْهَانِ، وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي وُجُوبِ الْقِيمَةِ فَهُمَا مُخْتَلِفَانِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَعْدَمَ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَحَمَلَتْ الْأَمَةُ لَمْ تُبَعْ وَأُتْبِعَ بِالْقِيمَةِ فِي ذِمَّتِهِ وَأَمَّا إذَا لَمْ تَحْمِلْ فَتُبَاعُ عَلَيْهِ لِأَجْلِ الْقِيمَةِ قَالَهُ فِي كِتَابِ الْقَذْفِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِي الْأَمَةِ الْمُحَلَّلَةِ، وَأَمَّا فِي الْوَجْهِ الثَّانِي فَاَلَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ أَنَّ الشَّرِيكَ مُخَيَّرٌ فَإِنْ شَاءَ تَمَسَّكَ بِنَصِيبِهِ وَأَتْبَعَهُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِنِصْفِ قِيمَتِهَا يَوْمَ حَمَلَتْ وَيُبَاعُ ذَلِكَ النِّصْفُ عَلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015