اللَّخْمِيُّ وَخَرَّجَ قَوْلًا بِعَدَمِ لُزُومِهَا لِأَوَّلٍ نَصُّهُ مِنْ الشَّاذِّ فِي كِرَاءِ الْمُشَاهَرَةِ قَالَ: وَأَمَّا إنْ أَخْرَجَا شَيْئًا لِيَشْتَرِيَا بِهِ شَيْئًا مُعَيَّنًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ إنْ لَمْ يُمْكِنْ كُلَّ وَاحِدٍ اشْتِرَاؤُهُ بِانْفِرَادِهِ، أَوْ أَمْكَنَهُ وَلَكِنَّ اشْتِرَائَهُمَا أَرْخَصُ، وَإِلَّا فَقَوْلَانِ وَهُمَا عَلَى الْخِلَافِ فِي شَرْطِ مَا لَا يُفِيدُ وَفِي مُعِينِ الْحُكَّامِ الشَّرِكَةُ تَنْعَقِدُ بِالْقَوْلِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إنَّهَا تَلْزَمُ بِالْعَقْدِ كَالْبَيْعِ، وَلَا رُجُوعَ لِأَحَدِهِمَا فِيهَا كَالْبَيْعِ بِخِلَافِ الْجُعْلِ وَالْقِرَاضِ وَلِعِيَاضٍ نَحْوُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمْ وَمُرَادُ ابْنِ يُونُسَ وَنَحْوُهُ أَنَّهَا تَلْزَمُ بِالْعَقْدِ بِاعْتِبَارِ الضَّمَانِ أَيْ إذَا هَلَكَ شَيْءٌ بَعْدَ الْعَقْدِ يَكُونُ ضَمَانُهُ مِنْهُمَا خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ إنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِالْخَلْطِ انْتَهَى.
(قُلْت) : بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ كَلَامَ ابْنِ يُونُسَ وَعِيَاضٍ وَصَاحِبِ الْمُعِينِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيِّ وَقَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ هُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ يَجُوزُ التَّبَرُّعُ بَعْدَ الْعَقْدِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ، وَقَدْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي كِتَابِ الشَّرِكَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فَقَالَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَنَّهَا تَفْسُدُ إذَا عَقَدَاهَا عَلَى التَّفَاوُتِ فِي الرِّبْحِ، أَوْ الْعَمَلِ، أَوْ التَّسَاوِي فِي ذَلِكَ مَعَ التَّفَاضُلِ فِي رُءُوسِ الْأَمْوَالِ مَا نَصُّهُ: وَلَوْ صَحَّ عَقْدُ الْمُتَفَاضِلَيْنِ فِي الْمَالِ ثُمَّ تَطَوَّعَ الَّذِي لَهُ الْأَقَلُّ فَعَمِلَ فِي الْجَمِيعِ جَازَ، وَلَا أَجْرَ لَهُ انْتَهَى.
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: ظَاهِرُهُ أَنَّ الشَّرِكَةَ تَلْزَمُ بِالْعَقْدِ، وَلَوْ لَمْ تَلْزَمْ بِالْعَقْدِ لَمَا جَازَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَطَوَّعَ رَجَاءَ الْبَقَاءِ مَعَهُ وَذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ فَصَارَ ذَلِكَ غَرَرًا الشَّيْخُ، كَأَنَّهُ نَوْعُ رِشْوَةٍ وَيَقُومُ مِنْهُ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُسَلِّفَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بَعْدَ صِحَّةِ الْعَقْدِ انْتَهَى.
فَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفُ مِنْ جَوَازِ التَّبَرُّعِ بَعْدَ الْعَقْدِ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَمُقْتَضَاهُ لُزُومُ الْعَقْدِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ قَوْلُهُ بِمَا يَدُلُّ عُرْفًا أَيْ بِمَا يَدُلُّ عَلَى إذْنِ كُلِّ وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ فِي التَّصَرُّفِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ عُرْفًا، وَسَوَاءٌ كَانَ لَفْظًا، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ فَمِنْ اللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَى الشَّرِكَةِ قَوْلُهُمَا اشْتَرَكْنَا إذَا فُهِمَ مِنْهُ مَقْصُودُهُمَا عُرْفًا قَالَ فِي اللُّبَابِ الصِّيغَةُ لَفْظٌ، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ يَدُلُّ عَلَى إذْنِ كُلِّ وَاحِدٍ فِي التَّصَرُّفِ لِصَاحِبِهِ، وَيَكْفِي قَوْلُهُمَا: اشْتَرَكْنَا إذَا فُهِمَ الْمَقْصُودُ عُرْفًا انْتَهَى.
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَمِثْلُ الْفِعْلِ الدَّالِّ لَوْ خَلَطَا مَالَيْهِمَا وَبَاعَا انْتَهَى.
وَاعْتِرَاضُ الْبِسَاطِيِّ عَلَى الْمُؤَلِّفِ كَوْنَهُ لَمْ يَقُلْ لُغَةً، أَوْ عُرْفًا غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (بِذَهَبَيْنِ)
ش: أَرْكَانُ الشَّرِكَةِ أَرْبَعَةٌ الْعَاقِدَانِ وَالصِّيغَةُ وَالْمَحَلُّ فَلَمَّا ذَكَرَ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ أَتْبَعَهَا بِالرَّابِعِ وَهُوَ الْمَحَلُّ وَهُوَ الْمَالُ، أَوْ الْعَمَلُ فَبَدَأَ بِالْمَالِ فَقَالَ: بِذَهَبَيْنِ، أَوْ وَرِقَيْنِ.
ص (اتَّفَقَ صَرْفُهُمَا)
ش: يُرِيدُ وَوَزْنَهُمَا وَيُغْتَفَرُ التَّفَاوُتُ الْيَسِيرُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَفِيهَا قَصْرُ اعْتِبَارِ التَّسَاوِي بَيْنَ النَّقْدَيْنِ فِي الْوَزْنِ، وَالْقِيمَةِ لَا السِّكَّةِ وَيَسِيرُ اخْتِلَافِهِمَا فِي الصَّرْفِ لَغْوٌ انْتَهَى.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا دَنَانِيرَ هَاشِمِيَّةً وَأَخْرَجَ الْآخَرُ مِثْلَ وَزْنِهَا دَنَانِيرَ دِمَشْقِيَّةً، أَوْ أَخْرَجَ هَذَا دَرَاهِمَ يَزِيدِيَّةً وَالْآخَرُ وَزْنَهَا مُحَمَّدِيَّةً وَصَرْفُهُمَا مُخْتَلِفٌ لَمْ يَجُزْ إلَّا فِي الِاخْتِلَافِ الْيَسِيرِ الَّذِي لَا بَالَ لَهُ فَيَجُوزُ وَهُمَا فِيمَا كَثُرَ كَتَفَاضُلِ الْمَالَيْنِ، وَلَوْ جَعَلَا الرِّبْحَ وَالْعَمَلَ بَيْنَهُمَا بِقَدْرِ فَضْلِ مَا بَيْنَ السِّكَّتَيْنِ لَمْ يَجُزْ إذَا صَرَفَاهُمَا إلَى الْقِيَمِ وَحُكْمُهُمَا الْوَزْنُ فِي الْبَيْعِ وَالشَّرِكَةِ انْتَهَى.
فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا اخْتَلَفَ الصَّرْفُ لَا تَجُوزُ الشَّرِكَةُ، وَلَوْ جَعَلَا الرِّبْحَ عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ صَرْفِ كُلِّ دِينَارٍ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَصُورَةُ قَدْرِ الْقِيمَةِ أَنْ يُقَالَ: مَا قِيمَةُ الْمُحَمَّدِيَّةِ فَيُقَالُ: عَشَرَةٌ وَمَا قِيمَةُ الْيَزِيدِيَّةِ فَيُقَالُ: خَمْسَةٌ فَيَشْتَرِكَانِ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ فَيُؤَدِّي إلَى التَّفَاضُلِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ فَإِنْ نَزَلَ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِثْلَ رَأْسِ مَالِهِ بِعَيْنِهِ فِي سِكَّتِهِ، وَكَانَ الرِّبْحُ بِقَدْرِ وَزْنِ رَأْسِ مَالِهِ لَا عَلَى فَضْلِ مَا بَيْنَ السِّكَّتَيْنِ، وَقَالَهُ مَالِكٌ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ لَعَلَّ مُحَمَّدًا يُرِيدُ إذَا لَمْ يَخْتَلِفْ سُوقُ السِّكَّتَيْنِ مِنْ يَوْمِ الشَّرِكَةِ إلَى يَوْمِ الْقِسْمَةِ وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَ فَيَظْلِمُ الَّذِي زَادَ سُوقُ سِكَّتِهِ صَاحِبَهُ إذَا أَعْطَاهُ مِثْلَ رَأْسِ مَالِهِ، وَقِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِمَّا دَفَعَ انْتَهَى.
، وَانْظُرْ سَمَاعَ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ الشَّرِكَةِ