كَمَا سَيَأْتِي قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ الْمُتَقَدِّمِ: وَعَلَى هَذَا فَيَجُوزُ لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهَا أَنْ تُوَكِّلَ فِي لَوَازِمِ عِصْمَتِهَا انْتَهَى.
بَلْ لَيْسَ لِوَلِيِّهَا قِيَامٌ فِي ذَلِكَ إلَّا بِتَوْكِيلٍ مِنْهَا قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَقْسِيمِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ: وَلَيْسَ لِلْأَبِ وَلَا لِلْوَصِيِّ الْقِيَامُ عَمَّنْ فِي نَظَرِهِمَا مِنْ ابْنَةٍ، أَوْ يَتِيمَةٍ إذَا أَضَرَّ بِهَا زَوْجُهَا فِي نَفْسِهَا إلَّا بِتَوْكِيلِهَا ثُمَّ قَالَ: وَإِذَا أَقَامَتْ سَبْعَ سِنِينَ ثُمَّ أَرَادَ أَبُوهَا أَنْ يُطَالِبَ زَوْجَهَا بِالْكَالِئِ، أَوْ غَيْرِهِ مِنْ حُقُوقِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِتَوْكِيلِهَا إلَّا أَنْ يَتَّصِلَ سَفَهُهَا انْتَهَى.
وَفِي هَذَا الْأَخِيرِ خِلَافٌ اُنْظُرْهُ فِي بَابِ الصَّدَاقِ، وَقَالَ فِي اللُّبَابِ وَيَصِحُّ التَّوْكِيلُ مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَى الْخُصُومَةِ، وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يُوَكِّلَ فِي حَقِّ مَحْجُورِهِ مَنْ يَطْلُبُ حُقُوقَهُ وَلَا يَجْعَلُ لَهُ الْإِقْرَارَ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْوَكِيلِ أَنْ يَكُونَ رَشِيدًا انْتَهَى.
وَقَالَ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ فِي بَابِ الْوَصَايَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا: مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ لِلْمَحْجُورِ طَلَبُ حُقُوقِهِ عِنْدَ قَاضٍ، أَوْ غَيْرِهِ، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ فِي حُضُورِ وَصِيِّهِ، أَوْ غَيْبَتِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ عَلَى ذَلِكَ لِيَعْلَمَ مَا يَتَوَجَّهُ إلَيْهِ وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ فِي ذَلِكَ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إثْرَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ الَّذِي نَقَلَهُ عَنْ ابْنِ شَاسٍ وَهُوَ قَوْلُهُ: مَنْ جَازَ تَصَرُّفُهُ لِنَفْسِهِ جَازَ تَوْكِيلُهُ، وَمَنْ جَازَ تَصَرُّفُهُ لِنَفْسِهِ جَازَ كَوْنُهُ وَكِيلًا إلَّا لِمَانِعٍ وَمَسَائِلُ الْمَذْهَبِ وَاضِحَةٌ بِهِ وَبِامْتِنَاعِ تَوْكِيلِ مَنْ لَيْسَ جَائِزَ الْأَمْرِ فِي سَمَاعِ يَحْيَى فِي تَوْكِيلِ بِكْرٍ مَنْ يُخَاصِمُ لَهَا، تَوْكِيلُهَا غَيْرُ جَائِزٍ؛ لِأَنَّهَا لَا تَلِي مِثْلَ هَذَا مِنْ أَمْرِهَا إنَّمَا يَلِيهِ وَصِيُّهَا، أَوْ مَنْ يُوَكِّلُهُ السُّلْطَانُ وَوَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَا يُوهِمُ صِحَّةَ وَكَالَةِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فَفِي عِتْقِهَا الثَّانِي إنْ دَفَعَ الْعَبْدُ مَالًا لِرَجُلٍ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَهُ وَيُعْتِقَهُ فَفَعَلَ فَالْبَيْعُ لَازِمٌ، فَإِنْ اسْتَثْنَى مَالَهُ لَمْ يَغْرَمْ الثَّمَنَ ثَانِيًا وَإِلَّا غَرِمَهُ وَيَعْتِقُ الْعَبْدَ، وَلَا يُتْبَعُ بِشَيْءٍ وَفِي سَمَاعِ يَحْيَى مِنْ الْعِتْقِ مَا هُوَ كَالنَّصِّ فِي ذَلِكَ قَالَ فِيهِ: إنْ دَفَعَ عَبْدٌ إلَى رَجُلٍ مِائَةَ دِينَارٍ، وَقَالَ لَهُ اشْتَرِنِي لِنَفْسِي فَاشْتَرَاهُ لِنَفْسِ الْعَبْدِ وَاسْتَثْنَى مَالَهُ كَانَ حُرًّا، وَلَا رُجُوعَ لِبَائِعِهِ عَلَى الْعَبْدِ، وَلَا عَلَى الْمُشْتَرِي بِشَيْءٍ وَوَلَاؤُهُ لِبَائِعِهِ ابْنُ رُشْدٍ.
مَرَّضَ الْأَصِيلِيُّ هَذَا الشِّرَاءَ بِأَنَّ وَكَالَةَ الْعَبْدِ لَا تَجُوزُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ السَّيِّدُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِلْعَبْدِ كَانَ لَهُ رَدُّ ذَلِكَ، وَإِنْ عَلِمَ فَلَا كَلَامَ لَهُ (قُلْت) : كَانَ يَجْرِي لَنَا الْجَوَابُ عَنْ تَعَقُّبِ الْأَصِيلِيِّ بِأَنَّ حَجْرَ الْعَبْدِ إنَّمَا هُوَ مَا دَامَ فِي مِلْكِ سَيِّدِهِ وَهُوَ بِبَيْعِهِ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ، وَصَحَّ تَوْكِيلُهُ، وَلَزِمَ عِتْقُهُ ضَرْبَةً وَاحِدَةً كَقَوْلِهَا فِيمَنْ بَاعَ عَبْدَهُ بَعْدَ أَنْ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ: مَضَى نِكَاحُهُ وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ فَسْخُهُ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ لِمِلْكِهِ بِرَدِّهِ مُبْتَاعَهُ بِعَيْبٍ فِي نِكَاحِهِ انْتَهَى وَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ سَمَاعِ يَحْيَى فِي مَسْأَلَةِ الْعِتْقِ لَمْ أَجِدْهَا فِيهِ، وَإِنَّمَا هِيَ فِي سَمَاعِ عِيسَى وَمَسْأَلَةُ وَكَالَةِ الْبِكْرِ فِي الْخُصُومَةِ فِي كِتَابِ الْبَضَائِعِ وَالْوَكَالَاتِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْبِكْرَ لَا تَلِي ذَلِكَ يَعْنِي الْمُخَاصَمَةَ قَبِلَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَهُوَ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ مُعِينِ الْحُكَّامِ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ فِي جَوَابِ الْأَصِيلِيِّ وَهُوَ بِبَيْعِهِ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ وَصَحَّ تَوْكِيلُهُ وَلَزِمَ عِتْقُهُ ضَرْبَةً وَاحِدَةً فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ بَاطِلٌ عَلَى مَا يَقُولُ الْأَصِيلِيُّ قَبْلَ انْتِقَالِ الْمِلْكِ، فَلَا يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ بِالشِّرَاءِ الْوَاقِعِ بِهِ، وَأَمَّا إذَا صَحَّ الْبَيْعُ وَخَرَجَ عَنْ مِلْكِ السَّيِّدِ فَلَا حَاجَةَ إذًا إلَى تَصْحِيحِ التَّوْكِيلِ، أَوْ عَدَمِ تَصْحِيحِهِ وَفِي قِيَاسِهِ، أَوْ تَشْبِيهِهِ بِمَسْأَلَةِ نِكَاحِ الْعَبْدِ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَذَلِكَ بَيِّنٌ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَمَّا قَالَ الْأَصِيلِيُّ بِأَنْ يُقَالَ: سَلَّمْنَا أَنَّ تَوْكِيلَهُ لَا يَجُوزُ غَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّهُ شِرَاءُ فُضُولِيٍّ وَهُوَ جَائِزٌ صَحِيحٌ عَلَى الْمَشْهُورِ فَإِذَا أَمْضَاهُ الْعَبْدُ بَعْدَ ذَلِكَ وَرَضِيَهُ مَضَى وَصَحَّ الْعِتْقُ وَفَاعِلُ اسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ: وَاسْتَثْنَى مَالَهُ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الْمُشْتَرِي الَّذِي دَفَعَ إلَيْهِ الْعَبْدُ الْمِائَةَ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَأَمَّا مَنْعُ كَوْنِ الْوَكِيلِ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ: لَا يَجُوزُ تَوْكِيلُهُ؛ لِأَنَّهُ تَضْيِيعٌ لِلْمَالِ (قُلْت) : وَعَلَيْهِ عَمِلَ أَهْلُ بَلَدِنَا، وَظَاهِرُ كِتَابِ الْمِدْيَانِ جَوَازُهُ فِيهَا مِنْهُ مَا نَصُّهُ قُلْت: إنْ دَفَعَ إلَى عَبْدٍ أَجْنَبِيٍّ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ مَالًا يَتَّجِرُ بِهِ، أَوْ لِيَتِيمٍ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ ثُمَّ