الْمُبْتَاعُ فِي قَبُولِهِ مَعِيبًا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، أَوْ رَدِّهِ.
قَالَ ابْنُ يُونُسَ، وَأَمَّا إنْ بَاعَهُ بِالْبَرَاءَةِ فَمَاتَ فِي الثَّلَاثِ، أَوْ أَصَابَهُ عَيْبٌ فَهُوَ مِنْ الْمُبْتَاعِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْبَائِعِ، وَمِنْ الْعُتْبِيَّةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَا حَدَثَ فِي الْعَبْدِ فِي الثَّلَاثِ مِنْ زِنًا، أَوْ سَرِقَةٍ، أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ ابْنُ الْمَوَّازِ، أَوْ إبَاقٍ فَلِلْمُبْتَاعِ رَدُّهُ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إنْ أَصَابَهُ حُمَّى، أَوْ عَمْشٌ، أَوْ بَيَاضٌ بِعَيْنِهِ، وَمَا ذَهَبَ قَبْلَ الثَّلَاثِ فَلَا رَدَّ لَهُ بِهِ.
قَالَ: أَمَّا الْحُمَّى فَلَا يُعْلَمُ ذَهَابُهَا، وَلْيَتَأَنَّ بِهَا، فَإِنْ عَاوَدَتْهُ بِالْقُرْبِ رَدَّهُ، وَإِنْ بَعْدَ الثَّلَاثِ لَا أَزْيَدَ، وَذَلِكَ فِيهَا انْتَهَى.
وَنَصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَبْلَ الْكَلَامِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَى أَنَّهُ إذَا أَصَابَتْ الْعَبْدَ حُمَّى فِي الثَّلَاثِ، أَوْ بَيَاضٌ فِي الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَا يُرَدُّ بَعْدَ ذَلِكَ (فَرْعٌ:) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي سَمَاعِ يَحْيَى مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ: لَا يُرَدُّ الْعَبْدُ بِذَهَابِ مَالِهِ فِي الثَّلَاثِ.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: لِأَنَّهُ لَا حَظَّ لَهُ فِي مَالِهِ، وَلَوْ تَلِفَ فِي الْعُهْدَةِ وَبَقِيَ مَالُهُ انْتَقَضَ بَيْعُهُ، وَلَيْسَ لِمُبْتَاعِهِ حَبْسُ مَالِهِ بِثَمَنِهِ انْتَهَى، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ هَذَا الْفَرْعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَانْظُرْهُ.
ص (وَدَخَلَتْ فِي الِاسْتِبْرَاءِ)
ش: يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ عُهْدَةٌ لِثَلَاثٍ، وَالِاسْتِبْرَاءُ الْمُرَادُ بِهِ الْمُوَاضَعَةُ فَإِنَّ عُهْدَةَ الثَّلَاثِ تَدْخُلُ فِي الِاسْتِبْرَاءِ.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا إذَا أَقَامَتْ فِي الِاسْتِبْرَاءِ ثَلَاثَ لَيَالٍ، أَوْ أَزْيَدَ، وَأَمَّا إنْ كَانَ لِلِاسْتِبْرَاءِ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثٍ فَلَا بُدَّ مِنْ تَمَامِ عُهْدَةِ الثَّلَاثِ، وَلَا تَدْخُلُ عُهْدَةُ الثَّلَاثِ فِي الْمُوَاضَعَةِ فِي السَّنَةِ إنَّمَا تَكُونُ عُهْدَةُ السَّنَةِ بَعْدَ مُضِيِّ الثَّلَاثِ، وَالِاسْتِبْرَاءُ قَالَهُ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ وَحَصَّلَ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ اغْتَسَلَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْعِتْقِ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَيَبْدَأُ بِالِاسْتِبْرَاءِ، ثُمَّ بِالثَّلَاثِ، ثُمَّ بِالسَّنَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الْمَشَايِخِ وَالثَّانِي أَنَّهُنَّ يَتَدَاخَلْنَ، فَيَكُونُ ابْتِدَاءُ الِاسْتِبْرَاءِ، وَعُهْدَةُ الثَّلَاثِ، وَعُهْدَةُ السَّنَةِ فِي يَوْمِ عَقْدِ الْبَيْعِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْوَاضِحَةِ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: وَالثَّالِثُ: الِاسْتِبْرَاءُ وَعُهْدَةُ الثَّلَاثِ يَتَدَاخَلَانِ، فَيَكُونَانِ مِنْ يَوْمِ الْبَيْعِ، وَعُهْدَةُ السَّنَةِ بَعْدَ تَمَامِهَا، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي رَسْمِ الْأَقْضِيَةِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ، وَدَلِيلُ قَوْلِهِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ قَالَ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ عُهْدَةِ الثَّلَاثِ وَعُهْدَةِ السَّنَةِ أَنَّ عُهْدَةَ الثَّلَاثِ وَالِاسْتِبْرَاءَ يَتَّفِقَانِ فِي الضَّمَانِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ بِخِلَافِ عُهْدَةِ السَّنَةِ.
(فَرْعٌ:) وَعُهْدَةُ الثَّلَاثِ وَالسَّنَةِ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ بَعْدَ انْبِرَامِهِ قَالَهُ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ.
(فَرْعٌ:) وَلَا يُحْسَبُ الْيَوْمُ الَّذِي عُقِدَ فِيهِ الْبَيْعُ عَلَى الْمَشْهُورِ نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ وَابْنُ عَرَفَةَ وَصَاحِبُ الشَّامِلِ وَغَيْرُهُمْ.
ص (وَالنَّفَقَةُ وَالْأَرْشُ كَالْمَوْهُوبِ لَهُ إلَّا الْمُسْتَثْنَى مَالُهُ)
ش: هَذَا هُوَ الْمَوْجُودُ فِي كَثِيرٍ مِنْ النُّسَخِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ خَبَرُ النَّفَقَةِ حُذِفَ لِلْعِلْمِ بِهِ وَالِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ لِمَا وُهِبَ لَهُ فَقَطْ كَمَا.
قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ وَقَوْلُ الْبِسَاطِيِّ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لِلْجَمِيعِ، وَلَا يَبْعُدُ مِنْ الرِّوَايَاتِ خِلَافُهُ فَالصَّوَابُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَاكْتَفَى الْمُصَنِّفُ بِالنَّفَقَةِ عَنْ الْكِسْوَةِ لِدُخُولِهَا فِيهَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي النَّفَقَاتِ، وَقَوْلُهُ: وَالْأَرْشُ يَعْنِي إذَا جَنَى عَلَى الْعَبْدِ فِي أَيَّامِ الْعُهْدَةِ فَأَرْشُ الْجِنَايَةِ لِلْبَائِعِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ وَأَنَّ لِلْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ الْخِيَارَ فِي قَبُولِهِ مَعِيبًا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، أَوْ رَدِّهِ.
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَرَأَى ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ أَنَّ الْبَيْعَ يُفْسَخُ هُنَا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لِلْأَرْشِ مَوْقُوفٌ عَلَى الْبُرْءِ لَا يُعْلَمُ أَمْرُهُ فَلَا يَتَأَتَّى لِلْمُشْتَرِي انْتِفَاعٌ بِالْعَبْدِ مِنْ أَجْلِ وَقْفِهِ لِلْجِنَايَةِ قَالَ: إلَّا أَنْ يُسْقِطَ الْبَائِعُ عَنْ الْجَانِي الْقِيَامَ بِالْجِنَايَةِ، فَيَجُوزُ الْبَيْعُ حِينَئِذٍ لِزَوَالِ الْوَقْفِ؛ إذْ أَنْ تَكُونَ الْجِنَايَةُ مُهْلِكَةً فَلَا يَجُوزُ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَرِيضٍ بِخِلَافِ مَوْتِهِ وَرَدَّ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَ ابْنِ أَبِي زَمَنِينَ بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ إنَّمَا يَأْخُذُهُ بِالْعَقْدِ السَّابِقِ، وَقَدْ كَانَ بَتًّا، وَالْخِيَارُ طَارِئٌ فَهُوَ كَخِيَارِ الْعَيْبِ فَتَأَمَّلْهُ، وَحَكَى فِي الشَّامِلِ كَلَامَ ابْنِ أَبِي زَمَنِينَ بِقِيلَ: وَقَوْلُهُ: كَالْمَوْهُوبِ أَيْ مَا وُهِبَ لِلْعَبْدِ فِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ وَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ يُرِيدُ، أَوْ نَمَا مَالُهُ بِرِبْحٍ فَإِنَّهُ لِبَائِعِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي اسْتَثْنَى مَالَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي هَكَذَا قَالَ فِي سَمَاعِ عِيسَى: قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: الْقِيَاسُ لِلْبَائِعِ يَعْنِي، وَلَوْ