فِي غَيْرِ الْمِيرَاثِ، أَوْ فِي غَيْرِ سُوقِ الْجَوْهَرِ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيَامٌ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ وَشِبْهِهِ، وَهَذَا عِنْدِي يَجْرِيَ عَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي ذَكَرْتُهُ فِي الْأَلْغَازِ وَوَجْهُ تَفْرِقَةِ مَالِكٍ بَيْنَ الَّذِي يَبِيعُ الْيَاقُوتَةَ جَاهِلًا وَبَيْنَ مَنْ قَصَدَ إخْرَاجَ ثَوْبٍ بِدِينَارٍ فَأَخْرَجَ ثَوْبًا بِأَرْبَعَةٍ أَنَّ الْأَوَّلَ جَهِلَ وَقَصَّرَ إذَا لَمْ يَسْأَلْ مَنْ يَعْلَمُ مَا هُوَ، وَالثَّانِيَ غَلِطَ، وَالْغَلَطُ لَا يُمْكِنُ التَّوَقِّي مِنْهُ، فَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ.

وَيَأْخُذَ ثَوْبَهُ إذَا أَتَى بِدَلِيلٍ عَلَى صِدْقِهِ مِنْ رَسْمٍ، أَوْ شَهَادَةٍ وَقَوَّمَ عَلَى حُضُورِ مَا صَارَ بِهِ إلَيْهِ فِي مُقَاسَمَةٍ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَالرُّجُوعُ بِالْغَلَطِ فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَفِي بَيْعِ الْمُكَايَسَةِ يُخْتَلَفُ فِيهِ، وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ عَلَى ذَلِكَ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ بَيَانُ أَنَّ الْبَيْعَ مُرَابَحَةٌ، أَوْ مُكَايَسَةٌ اهـ.

بِاخْتِصَارٍ يَسِيرٍ، وَاَلَّذِي فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ.

قَالَ مَالِكٌ فِي الْبَزَّازِ يَبِيعُ فَيَأْمُرُ بَعْضَ قَوْمِهِ بِدَفْعِهِ، ثُمَّ يَقُولُ بَعْدَ انْصِرَافِ الْمُبْتَاعِ: إنَّ الثَّوْبَ الَّذِي دَفَعَهُ إلَيْك لَيْسَ بِاَلَّذِي بِعْتُك، أَوْ كَانَ هُوَ دَفَعَهُ قَالَ: إنْ كَانَ أَمَرَ بِدَفْعِهِ حَلَفَ وَرُدَّ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ دَفَعَهُ فَأَرَى قَوْلَهُ بَاطِلًا مَا لَمْ يَأْتِ مَعَ قَوْلِهِ أَمْرٌ مَعْرُوفٌ مِنْ رَسْمٍ أَكْثَرَ مِمَّا بَاعَ بِهِ، أَوْ شَهَادَةِ قَوْمٍ قَاسَمُوهُ عَرَفُوهُ مَا قَامَ بِهِ عَلَيْهِ، فَإِنْ جَاءَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَلَفَ وَرُدَّ عَلَيْهِ.

قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: أَمَّا الَّذِي أَمَرَ بَعْضَ قَوْمِهِ فَلَا خِلَافَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ لَيْسَ الثَّوْبَ الَّذِي بَاعَهُ، فَإِنْ حَلَفَ رَدَّ الثَّوْبَ، وَدَفَعَ الثَّوْبَ الَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ بَاعَهُ، وَإِنْ نَكَلَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ إذَا كَانَ الْمُبْتَاعُ لَمْ يُكَذِّبْهُ، وَلَا يُصَدِّقُهُ، وَأَمَّا إنْ كَذَّبَهُ الْمُبْتَاعُ، وَقَالَ: بَلْ هَذَا الَّذِي بِعْتَنِي فَإِنَّهُمَا يَحْلِفَانِ، فَإِنْ نَكِلَا، أَوْ حَلَفَا لَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمَا بَيْعٌ وَاحِدٌ مِنْ الثَّوْبَيْنِ، وَإِنْ نَكِلَ أَحَدُهُمَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْحَالِفِ إنْ كَانَ الْبَائِعُ أَلْزَمَ الْمُبْتَاعَ الثَّوْبَ الَّذِي عَيَّنَهُ الْبَائِعُ، وَرَدَّ الْآخَرَ، وَإِنْ كَانَ الْمُبْتَاعُ أَخَذَ الثَّوْبَ الْمَدْفُوعَ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ الْآخَرُ، وَكَذَا لَوْ أَمَرَ التَّاجِرُ بَعْضَ قَوْمِهِ أَنْ يُرِيَ رَجُلًا ثَوْبًا فَأَرَاهُ إيَّاهُ، ثُمَّ بَاعَهُ عَلَى تِلْكَ الرُّؤْيَةِ، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ غَيْرُ الثَّوْبِ الَّذِي أَمَرَهُ أَنْ يُرِيَهُ إيَّاهُ، الْقَوْلُ قَوْلُ التَّاجِرِ مَعَ يَمِينِهِ يَحْلِفُ، وَيَأْخُذُ ثَوْبَهُ، فَإِنْ نَكِلَ لَزِمَهُ الْبَيْعُ فِيهِ، وَأَمَّا إذَا بَاعَهُ الثَّوْبَ، وَدَفَعَهُ هُوَ إلَيْهِ، وَادَّعَى أَنَّهُ غَلِطَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ شُبْهَةٌ مِنْ رَسْمٍ، وَلَا شَيْءٍ لَمْ يُصَدَّقْ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ شُبْهَةٌ فَكَمَا لَوْ دَفَعَهُ وَكِيلُهُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا

وَأَمَّا إذَا بَاعَ الثَّوْبَ، وَادَّعَى أَنَّ شِرَاءَهُ أَكْثَرُ مِمَّا بَاعَهُ بِهِ، وَأَنَّهُ غَلِطَ فِيهِ، وَاخْتَلَطَ لَهُ بِغَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ مُرَابَحَةً صُدِّقَ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ شُبْهَةٌ مِنْ رَقْمٍ، أَوْ شَهَادَةِ قَوْمٍ عَلَى مَا وَقَّعَ بِهِ عَلَيْهِ فِي مُقَاسَمَةٍ، أَوْ شِبْهِ ذَلِكَ، وَاخْتُلِفَ إنْ ادَّعَى الْغَلَطَ فِي بَيْعِ الْمُسَاوَمَةِ، وَزَعَمَ أَنَّهُ اخْتَلَطَ لَهُ بِغَيْرِهِ، وَهُوَ ذُو أَثْوَابٍ كَثِيرَةٍ فَقِيلَ: إنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُرَابَحَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، وَمَا فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَمَا فِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ مِنْ كِتَابِ الْعُيُوبِ مُحْتَمَلٌ، وَقِيلَ: الْبَيْعُ لَازِمٌ، وَلَا حُجَّةَ لَهُ فِيمَا ذُكِرَ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ حَبِيبٍ، وَكَذَلِكَ اُخْتُلِفَ فِي الْجَهْلِ بِصِفَةِ الْمَبِيعِ مِثْلُ أَنْ يَبِيعَ الْحَجَرَ بِالثَّمَنِ الْيَسِيرِ، وَهُوَ يَاقُوتَةٌ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي رَسْمِ الْأَقْضِيَةِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ، وَأَمَّا الْجَهْلُ بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ فَلَا يُعْذَرُ وَاحِدٌ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي ذَلِكَ؛ إذْ لَا غَبْنَ فِي بَيْعِ الْمُكَايَسَةِ هَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَقَدْ حَكَى بَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ عَنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَجِبُ الرَّدُّ بِالْغَبْنِ إذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثٍ وَأَقَامَ بَعْضُ الشُّيُوخِ ذَلِكَ مِنْ مَسْأَلَةِ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الرُّهُونِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّهَا مَسْأَلَةٌ لَهَا مَعْنًى مِنْ أَجْلِهِ وَجَبَ الرَّدُّ مِنْ الْغَبْنِ انْتَهَى.

وَقَالَ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى مَسْأَلَةِ سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ: وَلَا اخْتِلَافَ أَنَّ لَهُ الْقِيَامَ بِالْغَلَطِ فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ، وَقَوْلُهُ: بَيْعُ الْمُسَاوَمَةِ لَا قِيَامَ فِيهِ بِالْغَلَطِ هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ انْتَهَى.

وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ نَوَازِلِ سَحْنُونٍ فِي كِتَابِ الْعُيُوبِ لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ، وَلَعَلَّهُ يُشِيرُ إلَى مَا فِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ مِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ فِيمَنْ اشْتَرَى أَرْضًا فَوَجَدَ فِيهَا بِئْرًا عَاذِبَةً، فَقَالَ الْبَائِعُ: بِعْتُك شَيْئًا لَا أَعْرِفُهُ أَنَّهَا لِلْمُشْتَرِي، وَلَعَلَّ مَسْأَلَةَ كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا هِيَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015