الْعُيُوبِ.

وَالثَّالِثُ: أَنَّهَا تُمْضَى بِمَا يَنُوبُهَا مِنْ الثَّمَنِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ، وَإِذَا قُلْنَا: إنَّهَا تُمْضَى بِمَا يَنُوبُهَا مِنْ الثَّمَنِ، أَوْ إنَّهَا غَلَّةٌ لِلْمُبْتَاعِ فَفِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: الطِّيبُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الْعُيُوبِ وَالثَّانِي الْيُبْسُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالثَّالِثُ: الْجُذَاذُ، وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ فِي كِتَابِ الْعُيُوبِ، وَأَمَّا التَّفْلِيسُ فَالْمَنْصُوصُ لَهُمْ قَوْلٌ وَاحِدٌ أَنَّهُ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تُجَذَّ، فَإِنْ جُذَّتْ كَانَ أَحَقَّ بِالْأُصُولِ بِمَا يَنُوبُهَا مِنْ الثَّمَنِ، وَيَدْخُلُ فِيهِ الِاخْتِلَافُ بِالْمَعْنَى اهـ. وَانْظُرْ بَقِيَّةَ وُجُوهِ الثَّمَرَةِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ، وَأَمَّا الصُّوفُ التَّامُّ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الشُّفْعَةُ، وَأَمَّا فِي الِاسْتِحْقَاقِ فَيَأْخُذُهُ الْمُسْتَحِقُّ إنْ كَانَ قَائِمًا، أَوْ مِثْلَهُ إنْ كَانَ قَدْ اسْتَهْلَكَهُ الْمُبْتَاعُ، أَوْ الثَّمَنَ إنْ كَانَ بَاعَهُ، وَفِي التَّفْلِيسِ بَائِعُهُ أَحَقُّ بِهِ إنْ كَانَ قَائِمًا، وَإِنْ جَزَّهُ الْمُشْتَرِي الْمُفْلِسُ، وَإِنْ فَاتَ أَخَذَ الْبَائِعُ الْغَنَمَ بِمَا يَنُوبُهَا مِنْ الثَّمَنِ وَحَاصَّ الْغُرَمَاءَ بِمَا يَنُوبُ الصُّوفَ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ الْغَنَمَ وَحَاصَّ الْغُرَمَاءَ بِمَا يَنُوبُ الصُّوفَ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الْغَنَمَ وَحَاصَّ الْغُرَمَاءَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ قَالَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ أَمَّا الْبَيْعُ الْفَاسِدُ، فَلَمْ أَقِفْ الْآنَ عَلَى رَدٍّ صَرِيحٍ فِيهِ، وَالظَّاهِرُ: أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَلَمْ يَرُدَّ بِغَلَطٍ إنْ سَمَّى بِاسْمِهِ)

ش: أَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي رَسْمِ الْأَقْضِيَةِ الثَّانِي مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ جَامِعِ الْبُيُوعِ.

قَالَ سُئِلَ مَالِكٌ عَمَّنْ بَاعَ مُصَلَّى فَقَالَ الْمُشْتَرِي أَتَدْرِي مَا هَذَا الْمُصَلًّى؟ هِيَ - وَاَللَّهِ خَزٌّ - فَقَالَ الْبَائِعُ: مَا عَلِمْت أَنَّهُ خَزٌّ، وَلَوْ عَلِمْتُهُ مَا بِعْتُهُ بِهَذَا الثَّمَنِ.

قَالَ مَالِكٌ: هُوَ لِلْمُشْتَرِي، وَلَا شَيْءَ لِلْبَائِعِ لَوْ شَاءَ اسْتَبْرَأَهُ قَبْلَ بَيْعِهِ، وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ مَرْوِيًّا، ثُمَّ قَالَ: لَمْ أَعْلَمْ أَنَّهُ مَرْوِيٌّ إنَّمَا ظَنَنْتُهُ كَذَا وَكَذَا، أَرَأَيْتَ لَوْ قَالَ: مُبْتَاعُهُ مَا اشْتَرَيْته إلَّا ظَنًّا أَنَّهُ خَزٌّ، وَلَيْسَ بِخَزٍّ فَهَذَا مِثْلُهُ، وَكَذَا مَنْ بَاعَ حَجَرًا بِثَمَنٍ يَسِيرٍ، ثُمَّ هُوَ يَاقُوتَةٌ، أَوْ زَبَرْجَدَةٌ تَبْلُغُ مَالًا كَثِيرًا لَوْ شَاءَ اسْتَبْرَأَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ بِخِلَافِ مَنْ قَالَ: أَخْرِجْ لِي ثَوْبًا مَرْوِيًّا بِدِينَارٍ فَأَخْرَجَ لَهُ ثَوْبًا أَعْطَاهُ إيَّاهُ، ثُمَّ وَجَدَهُ مِنْ أَثْمَانِ أَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ هَذَا يَحْلِفُ وَيَأْخُذُ ثَوْبَهُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ: خِلَافُ هَذَا أَنَّ مَنْ اشْتَرَى يَاقُوتَةً، وَهُوَ يَظُنُّهَا حَجَرًا، وَلَا يَعْرِفُهَا الْبَائِعُ، وَلَا الْمُبْتَاعُ فَيَجِدُهَا عَلَى ذَلِكَ، أَوْ يَشْتَرِي الْقُرْطَ يَظُنُّهُ ذَهَبًا فَيَجِدُهُ نُحَاسًا أَنَّ الْبَيْعَ يُرَدُّ فِي الْوَجْهَيْنِ، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ إنَّمَا هُوَ إذَا لَمْ يُسَمِّ أَحَدُهُمَا الشَّيْءَ بِغَيْرِ اسْمِهِ، وَإِنَّمَا سَمَّاهُ بِاسْمٍ يَصْلُحُ لَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، ثُمَّ قَوْلُ الْبَائِعِ: أَبِيعُكَ هَذَا الْحَجَرَ، أَوْ قَوْلُ الْمُشْتَرِي: بِعْ مِنِّي هَذَا الْحَجَرَ فَيَشْتَرِيهِ، وَهُوَ يَظُنُّهُ يَاقُوتَةً فَيَجِدُهُ غَيْرَ يَاقُوتَةٍ، أَوْ يَبِيعُ الْبَائِعُ يَظُنُّ أَنَّهَا يَاقُوتَةٌ فَإِذَا هُوَ غَيْرُ يَاقُوتَةٍ فَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ.

وَإِنْ عَلِمَ الْبَائِعُ أَنَّهَا غَيْرُ يَاقُوتَةٍ وَالْبَائِعَ الْبَيْعُ، وَإِنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَنَّهَا يَاقُوتَةٌ عَلَى رِوَايَةِ أَشْهَبَ، وَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ فِي الْوَجْهَيْنِ عَلَى مَا فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ، وَأَمَّا إذَا سَمَّى أَحَدُهُمَا الشَّيْءَ بِغَيْرِ اسْمِهِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ: أَبِيعُكَ هَذِهِ الْيَاقُوتَةَ فَيَجِدُهَا غَيْرَ يَاقُوتَةٍ، أَوْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي: بِعْ مِنِّي هَذِهِ الزُّجَاجَةَ، ثُمَّ يَعْلَمَ الْبَائِعُ أَنَّهَا يَاقُوتَةٌ فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ الشِّرَاءَ لَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ وَالْبَيْعَ لَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي الْمُصَلَّى وَشِبْهِ ذَلِكَ، وَأَمَّا الْقُرْطُ يَظُنُّهُ الْمُشْتَرِي ذَهَبًا، أَوْ يَشْتَرِطُ أَنَّهُ ذَهَبٌ فَيَجِدُهُ نُحَاسًا فَلَا خِلَافَ أَنَّ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ إذَا كَانَ قَدْ صُنِعَ عَلَى صِفَةِ أَقْرَاطِ الذَّهَبِ، أَوْ كَانَ مَغْسُولًا بِالذَّهَبِ.

وَقَدْ اُخْتُلِفَ إذَا أَبْهَمَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ فِي التَّسْمِيَةِ، وَلَمْ يُصَرِّحْ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ الرَّدَّ كَالتَّصْرِيحِ، وَحَكَى شُرَيْحٌ الْقَاضِي أَنَّهُ اخْتَصَمَ إلَيْهِ رَجُلٌ مَرَّ بِرَجُلٍ مَعَهُ ثَوْبٌ مَصْبُوغٌ الصَّبْغَ الْهَرَوِيَّ، فَقَالَ: بِكَمْ هَذَا الْهَرَوِيُّ فَقَالَ بِكَذَا فَاشْتَرَاهُ، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ بِهَرَوِيٍّ، وَإِنَّمَا صُبِغَ صَبْغَ الْهَرَوِيِّ فَأَجَازَ بَيْعَهُ.

قَالَ: وَلَوْ اسْتَطَاعَ أَنْ يُزَيِّنَ ثَوْبَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذِهِ الزِّينَةِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: لِأَنَّهُ إنَّمَا بَاعَهُ هَرَوِيَّ الصَّبْغِ حَتَّى يَقُولَ: هَرَوِيٌّ هَرَاةَ فَعِنْدَ ذَلِكَ يَرُدُّهُ، وَذَلِكَ عِنْدِي اخْتِلَافٌ مِنْ قَوْلِهِ: وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ: إنَّهُ إذَا بَاعَ الْحَجَرَ فِي سُوقِ الْجَوْهَرِ فَوَجَدَهُ حَجَرًا كَانَ لِلْمُبْتَاعِ الْقِيَامُ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ أَنَّهُ جَوْهَرٌ، وَإِنْ بَاعَهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015