لَا أَرْضَى، انْتَهَى. وَقَوْلُهُ أَوْ مَا تُبَاعُ بِهِ لَعَلَّهُ ثَبَتَ كَذَلِكَ فِي نُسْخَةٍ مِنْ الْبَيَانِ بِأَوْ، وَأَمَّا الَّذِي رَأَيْتُهُ فِي الْبَيَانِ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ: وَكَانَتْ تُبَاعُ بِالْوَاوِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي إِسْحَاقَ تَرْجِيحُ رِوَايَةِ أَشْهَبَ فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ: وَقَوْلُ أَشْهَبَ وَهَذَا لَعَمْرِي الْأَشْبَهُ إذَا كَانَ عَادَةُ مَنْ يُسَاوِمُ إنَّمَا يَذْكُرُ مَا يَبِيعُ بِهِ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ عُذْرٌ ظَاهِرٌ، انْتَهَى.
(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ السَّائِمُ: أَنَا آخُذُهَا بِكَذَا فَقَالَ الْبَائِعُ: قَدْ بِعْتُكَهَا بِذَلِكَ فَقَالَ السَّائِمُ: لَا آخُذُهَا بِذَلِكَ هِيَ مَسْأَلَةُ ابْنِ أَبِي زَمَنِينَ الْمُتَقَدِّمَةُ وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي الْقَوْلَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ أَعْنِي قَوْلَهُ: وَأَنَا أَشْتَرِيهَا بِهِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْخِلَافَ الَّذِي فِي مَسْأَلَةِ السَّوْمِ هَذِهِ يَدْخُلُ فِيهَا عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَإِذَا دَخَلَ فِيهَا فَلَا شَكَّ فِي دُخُولِهِ فِي أُخْتِهَا بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي التَّنْبِيهِ الْأَوَّلِ مِنْ شَرْحِ الْقَوْلَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ، فَيَكُونُ الْخِلَافُ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ عَلَى حَدِّ السَّوَاءِ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ السَّوْمِ مَنْقُولٌ مُصَرَّحٌ بِهِ، وَفِي الثَّانِيَةِ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّهَا مِثْلُهَا سَوَاءٌ، وَالثَّالِثَةُ كَذَلِكَ، وَالْقَوْلُ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِيهَا هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الْغَرَرِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَتَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ أَبِي زَمَنِينَ أَنَّهُ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَطَرِيقُ فُتْيَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّانِي) الَّذِي ارْتَضَاهُ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّ هَذِهِ الْأَقْوَالَ إنَّمَا هِيَ فِي السِّلْعَةِ الْمَوْقُوفَةِ لِلسَّوْمِ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ مَوْقُوفَةً لِلسَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُ رَبِّهَا إنَّهُ كَانَ لَاعِبًا وَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْبَيْعُ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ صِدْقُ قَوْلِهِ فَتَسْقُطُ عَنْهُ الْيَمِينُ، وَنَصُّهُ بَعْدَ ذِكْرِهِ الْخِلَافَ الْمُتَقَدِّمَ، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي السِّلْعَةِ الْمَوْقُوفَةِ لِلْبَيْعِ، وَأَمَّا إنْ لَقِيَ رَجُلٌ رَجُلًا فِي غَيْرِ السُّوقِ فَقَالَ: بِكَمْ عَبْدُك هَذَا أَوْ ثَوْبُكَ هَذَا أَوْ لِشَيْءٍ لَمْ يُوقِفْهُ لِلْبَيْعِ فَقَالَ: بِكَذَا فَقَالَ: أَخَذْتُهُ بِذَلِكَ فَقَالَ: رَبُّهُ لَا أَرْضَى إنَّمَا أَنَا لَاعِبٌ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْبَيْعُ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ صِدْقُ قَوْلِهِ فَتَسْقُطُ عَنْهُ الْيَمِينُ قَوْلًا وَاحِدًا عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ فِي هَذَا الرَّسْمِ بِعَيْنِهِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ جَامِعِ الْبُيُوعِ، وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ النَّاسِ إلَى أَنَّ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ السِّلْعَةُ مَوْقُوفَةً لِلْبَيْعِ عَلَى مَا وَقَعَ فِي رَسْمِ سِلْعَةٍ سَمَّاهَا مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ جَامِعِ الْبُيُوعِ، فَإِنَّهُ قَالَ: إنَّ الْبَيْعَ يَلْزَمُهُ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَنَّ السِّلْعَةَ كَانَتْ مَوْقُوفَةً، وَذَهَبَ إلَى أَنَّهُ يَتَحَصَّلُ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ عَدَمُ اللُّزُومِ وَإِنْ وَقَفْتَ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَاللُّزُومُ وَإِنْ لَمْ تُوقِفْ عَلَى مَا فِي رَسْمِ سِلْعَةٍ سَمَّاهَا الْمَذْكُورُ.
(الثَّالِثُ) الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ مَوْقُوفَةً أَوْ لَا عَلَى مَا فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ الْبُيُوعِ وَلَيْسَ ذَلِكَ عِنْدِي بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ رَسْمِ سِلْعَةٍ سَمَّاهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ السِّلْعَةُ مَوْقُوفَةً لِلْبَيْعِ فَذَهَابُ الْمُشْتَرِي بِهَا لِيَسْتَشِيرَ فِيهَا بِإِذْنِ الْبَائِعِ يُخْرِجُهَا مِنْ الْخِلَافِ، وَقَدْ بَيَّنَ هَذَا فِي تَفْسِيرِ ابْنِ مُزَيْنٍ، انْتَهَى. وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِاخْتِصَارٍ وَنَقَلَهَا فِي التَّوْضِيحِ أَوَّلُهُ (قُلْت:) وَيَتَبَيَّنُ صِدْقُ قَوْلِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِأَنْ يَكُونَ أَشْهَدَ قَبْلَ الْمُسَاوِمَةِ أَنَّهُ لَا يُرِيدُ الْبَيْعَ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ كَذَا أَوْ بِمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ، نَصُّ مَا فِي رَسْمِ سِلْعَةٍ سَمَّاهَا الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ، قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَأْتِي بَعْضَ النَّخَّاسِينَ الَّذِينَ يَبِيعُونَ الرَّقِيقَ وَالدَّوَابَّ فَيَسُومُهُ بِالرَّأْسِ أَوْ الدَّابَّةِ فَيَقُولُ لَهُ السَّائِمُ بِثَلَاثِينَ أَوْ عِشْرِينَ فَيُمَاكِسُهُ حَتَّى يَقِفَ عَلَى ثَمَنٍ لَا يَزِيدُهُ عَلَى هَذَا الْكَلَامِ، وَلَا يَقُولُ لَهُ الْبَائِعُ إنْ رَضِيتَ فَخُذْ، وَلَا يَزِيدُ عَلَى قَوْلِهِ: هِيَ بِكَذَا وَكَذَا فَيَقُولُ السَّائِمُ: أَذْهَبُ بِهَا فَأَسْتَشِيرُ فِيهَا فَيَقُولُ: نَعَمْ فَاذْهَبْ وَاسْتَشِرْ، وَلَا يَزِيدُهُ السَّائِمُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْقَوْلِ فَيَرْضَى بِهَا وَيَأْتِيهِ بِالثَّمَنِ، فَيَقُولُ الْبَائِعُ: قَدْ بَدَا لِي وَمَا كَانَ بَيْنَنَا إلَّا مُسَاوَمَةٌ، أَوْ يَقُولُ: زِيدَ عَلَيْكَ فَبِعْتُهَا لَا أَرَى ذَلِكَ لَهُ وَأَرَاهُ بَيْعًا نَافِذًا عَلَيْهِ إنْ رَضِيَهُ الَّذِي سَاوَمَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْزِعَ ذَلِكَ، وَأَرَى أَنْ يَدْخُلَهُ النَّهْيُ عَنْ الْبَيْعِ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ هَذِهِ مَسْأَلَةٌ صَحِيحَةٌ بَيِّنَةٌ لَيْسَتْ بِخِلَافٍ لِمَا فِي كِتَابِ الْغَرَرِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَلَا لِمَا فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ هَذَا