بِهَا بِمُجَرَّدِهَا حَتَّى يَتَنَزَّلَ بِهَا عُرْفٌ أَوْ عَادَةٌ أَوْ مَا يَدُلُّ عَلَى الْبَيْعِ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ الْمُبْتَاعُ بِكَمْ فَيَقُولُ الْبَائِعُ بِدِينَارٍ فَيَقُولُ قَبِلْت فَيَقُولُ الْبَائِعُ لَا أَبِيعُكَ؛ فَإِنْ كَانَ فِي سُوقِ تِلْكَ السِّلْعَةِ فَرَوَى أَشْهَبُ يَلْزَمُهُ الْبَيْعُ، وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ يَحْلِفُ مَا سَاوَمَهُ عَلَى الْبَيْعِ، وَلَا يَلْزَمُهُ، انْتَهَى. وَالْقَوْلُ مَلْزُومُ الْبَيْعِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ، وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي لَا أَرْضَى هُوَ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ؛ فَإِنَّهُ يُسَوَّى بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْمُسَاوَمَةِ الْآتِيَةِ، قَالَ فِي كِتَابِ الْغَرَرِ؛ فَإِنْ، قُلْت: لِرَجُلٍ بِعْنِي سِلْعَتَكَ بِعَشَرَةٍ، وَقَالَ قَدْ فَعَلْت فَقُلْت لَا أَرْضَى، قَالَ، قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ وَقَفَ سِلْعَةً لِلسَّوْمِ فَقُلْت لَهُ: بِكَمْ؟ فَقَالَ: بِعَشَرَةٍ فَقُلْت قَدْ رَضِيتُ، فَقَالَ: لَا أَرْضَى أَنَّهُ يَحْلِفُ مَا سَاوَمْتُكَ عَلَى إيجَابِ الْبَيْعِ، وَلَكِنْ لَمَّا لَمْ يَذْكُرْ فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَزِمَهُ الْبَيْعُ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُكَ، انْتَهَى. وَنُسِبَ هَذَا الْقَوْلُ أَيْضًا لِمَالِكٍ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ، قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الْعُيُوبِ وَعَلَيْهِ فَيَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْخِلَافُ الْآتِي فِي مَسْأَلَةِ السَّوْمِ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَأَشَارَ بَعْضُهُمْ إلَى ضَعْفِ قِيَاسِ ابْنِ الْقَاسِمِ، انْتَهَى؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا، قَالَ بِعْنِي فَقَدْ طَلَبَ ذَلِكَ بِلَفْظٍ صَرِيحٍ كَمَا تَقَدَّمَ

وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ السَّوْمِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ صَاحِبُهَا أَوْقَفَهَا لِلْبَيْعِ أَوْ لِيَعْلَمَ الْمِقْدَارَ الَّذِي تُسَاوِيهِ ثُمَّ لَا يَبِيعُهَا أَوْ يَبِيعُهَا مِنْ آخَرَ طَلَبَهَا مِنْهُ، فَإِذَا، قَالَ لَهُ قَائِلٌ: بِكَمْ؟ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فَهِمَ عَنْهُ بِكَمْ تَبِيعُهَا أَوْ بِكَمْ اشْتَرَيْتهَا، فَإِذَا، قَالَ لَهُ السَّائِلُ قَدْ رَضِيتهَا، فَلَا بُدَّ مِنْ جَوَابِ الْبَائِعِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا صَرِيحًا أَوْ ظَاهِرًا لَكِنْ لَمَّا كَانَ كَلَامُهُ الْأَوَّلُ مُحْتَمَلًا حَلَّفَهُ مَالِكٌ لِرَفْعِ الِاحْتِمَالِ وَأَلْزَمَهُ غَيْرُهُ الْبَيْعَ كَمَا سَيَأْتِي، وَالِاحْتِمَالُ إنَّمَا قَوِيَ فِي كَلَامِهِ مِنْ جِهَةِ وَقْفِ السِّلْعَةِ لِلْبَيْعِ وَهِيَ قَرِينَةٌ حَالِيَّةٌ وَالْقَرِينَةُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُخْرَى مَقَالِيَّةٌ، وَهُوَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بِعْنِي سِلْعَتَكَ بِعَشَرَةٍ، وَالْمَفْهُومُ مِنْ الْقَرِينَةِ اللَّفْظِيَّةِ أَقْوَى مِنْ الْقَرِينَةِ الْمَعْنَوِيَّةِ، وَلَعَلَّ مَالِكًا لَوْ سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا قَبِلَ فِيهَا مِنْ الْمُشْتَرِي يَمِينًا، وَأَشَارَ إلَى ذَلِكَ أَيْضًا أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلِذَلِكَ اخْتَصَرَهَا الْبَرَاذِعِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ، وَإِنَّمَا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ إذَا كَانَ جَوَابُ ابْنِ الْقَاسِمِ يُوهِمُ عَدَمَ الْمُطَابَقَةِ لِلسُّؤَالِ أَوْ قِيَاسُهُ مُشْكِلًا، وَإِنْ سَلِمَتْ مِنْ ذَلِكَ ذَكَرُوهَا بِلَفْظٍ مُخْتَصَرٍ وَلَمْ يَذْكُرُوا السُّؤَالَ وَالْجَوَابَ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ، وَلِهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مَشَى الْمُصَنِّفُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَجْمَعْهَا مَعَ مَسْأَلَةِ السَّوْمِ كَمَا فَعَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ، فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ فِي عَدَمِ ذِكْرِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَلَوْ قُلْنَا مَشَى عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ أَيْضًا، وَنَقُولُ: تَكَلَّمَ عَلَى مَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْبَيْعُ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ إلَى أَنَّهُ وَقَعَ فِيهِ إنْكَارٌ، وَمَسْأَلَةُ الْمُدَوَّنَةِ تَكَلَّمَ فِيهَا عَلَى مَا إذَا وَقَعَ إنْكَارٌ لَكِنَّ الْمَحْمَلَ الْأَوَّلَ هُوَ الظَّاهِرُ الرَّاجِحُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[تَنْبِيهٌ الصِّيغَةُ فِي الْبَيْعِ]

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) إذَا قَالَ الْبَائِعُ اشْتَرِ مِنِّي هَذِهِ السِّلْعَةَ بِكَذَا أَوْ خُذْهَا فَيَقُولُ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْتُ أَوْ قَبِلْت أَوْ فَعَلْت وَنَحْوُ ذَلِكَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِ الْمُشْتَرِي: بِعْنِي سِلْعَتَكَ بِكَذَا فَيَقُولُ: لَهُ الْبَائِعُ بِعْتُك، قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الْعُيُوبِ، فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَكَبِعْنِي لَكَانَ أَحْسَنَ.

(الثَّانِي) إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي: أَتَبِيعُ سِلْعَتَكَ بِكَذَا.؟ فَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ: نَعَمْ أَوْ بِعْتُكهَا فَقَالَ: الْمُشْتَرِي مَا أَرَدْتُ الشِّرَاءَ فَهُوَ كَمَسْأَلَةِ السَّوْمِ الْآتِيَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رَاشِدٍ فِي الْمَذْهَبِ وَكَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ أَبِي إِسْحَاقَ التُّونُسِيِّ وَأَبِي الْحَسَنِ وَغَيْرِهِمَا بَلْ هِيَ أَحْرَى بِعَدَمِ اللُّزُومِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَنَصُّ كَلَامِ أَبِي إِسْحَاقَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ: وَأَمَّا الَّذِي قَالَ: بِعْنِي فَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ؛ لِأَنَّ لَفْظَ بِعْنِي لَفْظُ إيجَابٍ فَلَعَلَّهُ إنَّمَا فَهِمَ مِنْهُ أَتَبِيعُنِي عَلَى الِاسْتِفْهَامِ، انْتَهَى. وَنَصُّ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ فِي أَثْنَاءِ كَلَامِهِ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ، وَعَنْ ابْنِ مُحْرِزٍ أَنَّ مَسْأَلَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ مِمَّا يُعَارِضُهَا الْمُذَاكِرُونَ وَيَقُولُونَ لَا تُشْبِهُ مَسْأَلَةَ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ مَالِكٍ قِيلَ لِلْبَائِعِ: بِكَمْ تَبِيعُ فَقَالَ: بِكَذَا فَتَقْدِيرُهَا أَبِيعُهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَمَنْ قَالَ يَبِيعُهَا فِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015