لَا يُحَنِّثُهُ.
وَهَذَا هُوَ الْجَارِي عَلَى الْأَصْلِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ إذَا مَنَعَ مِنْهُ مَانِعُ عَقْلٍ لَا يَحْنَثُ بِفَوَاتِهِ كَمَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْحَمَّامَاتِ، وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ فِي التَّفْرِيعِ عَلَى مَسْأَلَةِ الْحَمَّامَاتِ قَالَ وَانْظُرْ لَوْ حَلَفَ لِرَجُلٍ عَلَى قِطْعَةِ لَحْمٍ فَانْتَهَبَتْهَا هِرَّةٌ، فَإِنْ أَكَلَتْهَا لِحِينِهَا لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ دَخَلَتْ بِهَا فِي غَارٍ حَيْثُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا كَانَتْ كَمَسْأَلَةِ السَّارِقِ فَيَحْنَثُ اهـ.، وَقَدْ ذَكَرَ الرَّجْرَاجِيُّ أَيْضًا فِي آخِرِ كِتَابِ الْأَيْمَانِ خَطْفَ الْهِرَّةِ وَشَقَّ جَوْفِهَا، وَذَكَرَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلًا بِالْحِنْثِ إذَا لَمْ يَتَوَانَ.
فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّهَا إنْ لَمْ تَتَوَانَ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ يَشُقَّ جَوْفَ الْهِرَّةِ وَيُخْرِجْهَا، وَالْعَجَبُ مِنْ الشَّارِحِ كَيْفَ اعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ هُنَا وَذَكَر الْقَوْلَيْنِ فِي شَامِلِهِ.
(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَفِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ ابْنِ دِينَارٍ وَأَشْهَبَ فِي الْحَالِفِ لَيَشْتَرِيَنَّ لِزَوْجَتِهِ بِهَذَا الدِّينَارِ ثَوْبًا فَخَرَجَ بِهِ لِذَلِكَ فَسَقَطَ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ أَرَادَ بِالدِّينَارِ بِعَيْنِهِ فَقَدْ حَنِثَ، وَإِنْ أَرَادَ الشِّرَاءَ بِهِ وَبِغَيْرِهِ فَلْيَشْتَرِ بِغَيْرِهِ، وَلَا يَحْنَثُ، انْتَهَى.
(مَسْأَلَةٌ) قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ مِنْهُ حَلَفَ شَخْصٌ بِالْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ لَا لَعِبْتُ مَعَكَ شِطْرَنْجًا إلَّا هَذَا الدَّسْت فَجَاءَ رَجُلٌ فَخَبَطَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ الدَّسْت قَالَ: اخْتَلَفَتْ فَتَاوَى الْفُقَهَاءِ فِيهِ حِينَئِذٍ فَأَفْتَى بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ بِعَدَمِ حِنْثِهِ، وَأَفْتَى غَيْرُهُمْ بِحِنْثِهِ وَاجْتَمَعْتُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالطُّرْطُوشِيِّ فَأَفْتَى بِعَدَمِ الْحِنْثِ، انْتَهَى مِنْ الذَّخِيرَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
. (فَصْلٌ النَّذْرُ الْتِزَامُ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ)
ش: قَالَ فِي الْإِكْمَالِ: نَذِرَ بِكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ نِذَارَةً عَلِمَ بِالشَّيْءِ وَنَذَرْتُ لِلَّهِ تَعَالَى نَذْرًا بِفَتْحِهَا مَعْنَاهُ وَعَدْتُ ابْنُ عَرَفَةَ النَّذْرُ الْأَعَمُّ مِنْ الْجَائِزِ إيجَابُ امْرِئٍ عَلَى نَفْسِهِ لِلَّهِ تَعَالَى أَمْرًا لِحَدِيثِ مَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ، وَإِطْلَاقُ الْفُقَهَاءِ عَلَى الْمُحَرَّمِ نَذْرًا وَأَخَصَّهُ الْمَأْمُورُ بِأَدَائِهِ الْتِزَامَ طَاعَةٍ بِنِيَّةِ قُرْبَةٍ لَا لِامْتِنَاعٍ مِنْ أَمْرٍ هَذَا يَمِينٌ حَسْبَمَا مَرَّ، وَقَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ، انْتَهَى. وَقَوْلُهُ: مُسْلِمٍ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ رُشْدٍ أَدَاءُ مُلْتَزِمِهِ كَافِرًا بَعْدَ إسْلَامِهِ عِنْدَنَا نَدْبٌ ابْنُ زَرْقُونٍ الْمُغِيرَةُ فَوَجَبَ الْوَفَاءُ بِمَا نَذَرَ بِالْكُفْرِ انْتَهَى.
وَقَوْلُهُ: مُكَلَّفٍ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ رَسْمِ بَاعَ غُلَامًا مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ النُّذُورِ: وَلَا اخْتِلَافَ أَعْلَمُهُ أَنَّ الصَّبِيَّ لَا يَلْزَمُهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ مَا نَذَرَهُ