مَا يُؤْمَرُ بِهِ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ طَوَافِهِ فِيهِ سَتْرُ الْعَوْرَةِ وَطَهَارَتُهُ مِنْ الْخُبْثِ وَلَا يَبْطُلُ طَوَافُهُ بِطُرُوِّ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَلَيْسَ بِهِ سَلَسٌ، (قُلْت) هُوَ الصَّغِيرُ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ الطَّهَارَةَ وَلَا يَمْتَثِلُ مَا أُمِرَ بِهِ انْتَهَى.

(قُلْت) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي طَوَافِهِ بَقِيَّةُ شُرُوطِ الطَّوَافِ مِنْ طَهَارَةِ الْحَدَثِ وَكَوْنِ الْبَيْتِ عَنْ يَسَارِهِ وَالْخُرُوجِ عَنْ الشَّاذَرْوَانِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمَّا ذَكَرُوا هَذِهِ الشُّرُوطَ لَمْ يَخُصُّوهَا بِأَحَدٍ، وَلِقَوْلِ ابْنِ فَرْحُونٍ: وَلَا يُبْطِلُهُ طُرُوُّ الْحَدَثِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُطْلَبُ أَوَّلًا بِالطَّهَارَةِ مِنْ الْحَدَثِ وَلِقَوْلِهِ فِي الذَّخِيرَةِ: وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ الصَّبِيُّ عَلَى الطَّوَافِ طَافَ بِهِ مَنْ طَافَ عَنْ نَفْسِهِ مَحْمُولًا عَلَى سُنَّةِ الطَّوَافِ، انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ الشَّافِعِيُّ فِي مَنْسَكِهِ الْكَبِيرِ فِي الْكَلَامِ عَلَى شُرُوطِ الطَّوَافِ: قَالَ الشَّافِعِيَّةُ: وَإِذَا طَافَ الْوَلِيُّ بِغَيْرِ الْمُمَيِّزِ فَإِنْ كَانَا غَيْرَ مُتَوَضِّئَيْنِ لَمْ يَصِحَّ الطَّوَافُ وَكَذَا إنْ كَانَ الصَّبِيُّ مُتَوَضِّئًا وَالْوَلِيُّ مُحْدِثًا، وَكَذَلِكَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ وَإِنْ كَانَ الْوَلِيُّ مُتَوَضِّئًا وَالصَّبِيُّ مُحْدِثًا فَوَجْهَانِ، وَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّهُ يَصِحُّ انْتَهَى. وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الْمَالِكِيَّةِ فِي الْفَرْعَيْنِ غَرِيبٌ.

(الثَّالِثُ) حُكْمُ الْمَجْنُونِ الْمُطْبِقِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرَتْهُ حُكْمُ الصَّبِيِّ كَمَا قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّهُ بَعْدَ ذِكْرِهِ الْإِحْرَامَ بِالصَّبِيِّ وَالطَّوَافَ بِهِ وَالسَّعْيَ بِهِ وَالرَّمْيَ عَنْهُ، وَالْمَجْنُونُ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ كَالصَّبِيِّ، انْتَهَى.

ص (وَأَحْضَرَهُمْ الْمَوَاقِفَ)

ش: الضَّمِيرُ لِلرَّضِيعِ وَالْمُطْبِقِ وَالصَّبِيِّ وَالْمُمَيِّزِ يَعْنِي أَنَّ الْوَلِيَّ لَا بُدَّ أَنْ يُحْضِرَ الطِّفْلَ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ وَالْمَجْنُونَ وَالْمُمَيِّزَ مَوَاقِفَ الْحَجِّ، وَالْمُرَادُ بِهَا عَرَفَةُ وَمُزْدَلِفَةُ وَمِنًى وَلَا يَنُوبُ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ: لَمَّا قَدَّمَ أَنَّهُ يَنُوبُ عَنْهُمْ فِيمَنْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ خَافَ أَنْ يُتَوَهَّمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي إحْضَارِهِمْ الْمَوَاقِفَ فَأَجَابَ بِزَوَالِ ذَلِكَ انْتَهَى.

وَقَالَ الشَّارِحُ فِي الصَّغِيرِ: الضَّمِيرُ فِي إحْضَارِهِمْ عَائِدٌ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى إذَا طَرَأَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ انْتَهَى وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ مَنْ طَرَأَ عَلَيْهِ الْإِغْمَاءُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَمَا ذَكَرْتُهُ فِي تَفْسِيرِ الْمَوَاقِفِ يَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَيُحْضِرُهُ الْمَوَاقِيتَ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمِيقَاتَ وَاحِدٌ وَلَعَلَّهُ يُرِيدُ الْمَشَاعِرَ كَعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ وَمِنًى انْتَهَى.

وَفَسَّرَ بَعْضُهُمْ الْمَوَاقِفَ بِعَرَفَةَ، قَالَ: وَجُمِعَتْ بِاعْتِبَارِ أَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ مِنْهَا يَصِحُّ فِيهِ الْوُقُوفُ وَهَذَا لَيْسَ بِظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ إحْضَارُهُ فِي جَمِيعِ أَجْزَاءِ عَرَفَةَ وَمِثْلُهُ تَفْسِيرُ بَعْضِهِمْ الْمَوَاقِفَ بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ وَقَالَ: أَقَلُّ الْجَمْعِ اثْنَانِ؛ لِأَنَّ مِنًى مِنْ الْمَوَاقِفِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يُطْلَبُ بِهَا الْوُقُوفُ إثْرَ رَمْيِ الْجِمَارِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَزِيَادَةُ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ إنْ خِيفَ ضَيَاعُهُ وَإِلَّا فَوَلِيُّهُ)

ش: يَعْنِي أَنَّ وَلِيَّ الصَّبِيِّ إذَا خَرَجَ بِهِ إلَى الْحَجِّ فَزَادَتْ نَفَقَتُهُ فِي السَّفَرِ عَلَى نَفَقَتِهِ فِي الْحَضَرِ، كَمَا لَوْ كَانَتْ نَفَقَتُهُ فِي الْحَضَرِ رُبْعَ دِرْهَمٍ فِي الْيَوْمِ وَفِي السَّفَرِ نِصْفَ دِرْهَمٍ فَالزِّيَادَةُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ إنْ كَانَ الْوَلِيُّ يَخَافُ عَلَيْهِ الضَّيْعَةَ إذَا تَرَكَهُ وَلَمْ يَسْتَصْحِبْهُ مَعَهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَخَافُ عَلَيْهِ الضَّيْعَةَ بَعْدَهُ فَالزِّيَادَةُ فِي مَالِ الْوَلِيِّ فَقَوْلُهُ: " وَإِلَّا " شَرْطٌ مُرَكَّبٌ مِنْ إنْ الشَّرْطِيَّةِ وَلَا النَّافِيَةِ لَيْسَ اسْتِثْنَاءً، كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ فِي الصَّغِيرِ وَجُمْلَةُ الشَّرْطِ مَحْذُوفَةٌ، وَقَوْلُهُ: " فَوَلِيُّهُ " الْفَاءُ دَخَلَتْ لِرَبْطِ الْجَوَابِ بِالشَّرْطِ وَوَلِيُّهُ مُبْتَدَأٌ حُذِفَ خَبَرُهُ أَيْ فَوَلِيُّهُ عَلَيْهِ الزِّيَادَةُ، وَقَالَ فِي الْكَبِيرِ: أَوْ يَكُونُ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَإِلَّا فَالزَّائِدُ عَلَى وَلِيِّهِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، انْتَهَى.

وَهَذَا مُمْتَنِعٌ لِمَا فِيهِ مِنْ حَذْفِ حَرْفِ الْجَرِّ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْأَبُ وَالْوَصِيُّ وَكُلُّ مَنْ كَانَ الصَّبِيُّ فِي كَفَالَتِهِ مِنْ أُمٍّ أَوْ غَيْرِهَا، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَيْسَ لِأُمِّ الصَّبِيِّ أَوْ أَبِيهِ أَوْ مَنْ هُوَ فِي حِجْرِهِ مِنْ وَصِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ أَنْ يُخْرِجَهُ وَيُحِجَّهُ وَيُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ إلَّا أَنْ يَخَافَ مِنْ ضَيْعَتِهِ بَعْدَهُ أَوْ لَا كَافِلَ لَهُ فَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ ذَلِكَ، وَإِلَّا ضَمِنَ لَهُ مَا أَكْرَى لَهُ بِهِ وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ إلَّا قَدْرَ مَا كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ فِي مَقَامِهِ انْتَهَى.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ السَّفَرِ بِالصَّبِيِّ وَقَالَ سَنَدٌ فِي الطِّرَازِ: السَّفَرُ فِي أَصْلِهِ مَضَرَّةٌ بِالصَّبِيِّ فِي بَدَنِهِ وَلَمَّا كَانَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015