الماء العكر! ولا تسمح -أيضًا -بتضخيم الأخطاء، ولا ترضى بنقل الخصومة الشخصيَّة وجعلها خصومةً دينيَّةً.
إنَّها موعظةٌ في الصدق والتجرُّد، يطبِّقها أصحاب النفوس الكبيرة.
وهذا الموقف من سعدٍ - رضي الله عنه - يذكِّرنا بموقفٍ مشابهٍ للإمام أحمد بن حنبلٍ رحمه الله، فقد كان أحد المحدِّثين يقع فيه (?)، فدخل عليه مرةً بعض طلبة الحديث، فقال: من أين أقبلتم؟ قلنا: من مجلس فلانٍ، فقال: اكتبوا عنه؛ فإنَّه شيخٌ صالحٌ، فقلنا: إنَّه يطعن عليك! فقال: «فأيُّ شيءٌ حيلتي؟! شيخٌ صالحٌ قد بُلِي بي» (?)!
إنَّه نفس المبدأ؛ فالإمام أحمد -مثل سعدٍ - رضي الله عنه - لا يرضى بنقل الخلاف الشخصيِّ وجعله خلافًا دينيًّا يوالي عليه ويعادي عليه، بل يجعل الاختلاف الذي مردُّه وجهة نظرٍ، أو ربَّما حسدٌ، أو غير ذلك من الأسباب، يجعله في خانةٍ، والاختلاف الذي سببه دينيٌّ وشرعيٌّ في خانةٍ أخرى.
وهذه المسألة -في الحقيقة -ممَّا تختلط فيها الأوراق عند بعض الفضلاء من المحسوبين على العلم والدعوة -فضلًا عمَّن سواهم -وهو فقدٌ لميزان الإنصاف والعدل، فما أعزَّ الإنصاف مع الخصوم ومع عموم من نختلف معهم والله المستعان!
• ومن مواعظه - رضي الله عنه - ما أوصى به ابنه قائلًا (?):
«يا بُنيَّ، إذا أردتَّ أن تصلِّي فأحسن الوضوء، وصلِّ صلاةً ترى أنَّك