وقد واصل سيرته الحسنة بعد وفاة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في صحبة الصِّدِّيق - الذي أسلم على يده - فكان نعم المعين له، ثم واصل السيرة الرائعة مع عمر، حتى قال فيه الفاروق: إن أدركني أجلي وأبو عبيدة بن الجرَّاح حيٌّ، استخلفته، فإن سألني الله: لم استخلفته على أمَّة محمد - صلى الله عليه وسلم -؟ قلت: إنِّي سمعت رسولك - صلى الله عليه وسلم - يقول: (إنَّ لكلِّ نبيٍّ أمينًا، وأميني أبو عبيدة بن الجرَّاح) (?).

...

• مات أبو عبيدة شهيدًا في طاعون عمواس (?) سنة ثماني عشرة للهجرة، ولمَّا أصابه الطاعون دعا المسلمين، فدخلوا عليه، فقال لهم (?):

«إنِّي موصيكم بوصية، فإن قبلتموها، لم تزالوا بخيرٍ ما بقيتم، وبعد ما تهلكون! أقيموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وصوموا وتصدَّقوا، وحجُّوا واعتمروا، وتواصلوا وتحابُّوا، واصدقوا أمرءكم ولا تغشُّوهم، ولا تلهكم الدُّنيا؛ فإنَّ امرأً لو عمِّر ألف حولٍ، ما كان له بدُّ من أن يصير إلى مثل مصرعي هذا الذي ترون؛ إنَّ الله قد كتب الموت على بني آدم، فهم ميِّتون؛ فأكيسهم أطوعهم لربِّه، وأعملهم ليوم معاده».

إنَّ هذه الوصية تضمَّنت جملة من المواعظ العظيمة: فهو يذكِّر بأركان هذا الدِّين الذي ما قام إلا عليها: الصلاة والزكاة، والصوم، والحجُّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015