قبلهم، بينما تجد في بعض عبارات العبَّاد الذين عاشوا في قرونٍ بعدهم شيئًا من التكلُّف، والغموض، وأحيانًا لا تسلم من إشكالاتٍ شرعيَّةٍ.

(3) - قصر مواعظهم، وسهولة فهمها، وتطبيقها.

(4) - أنَّها مواعظ مترجمةٌ عمليًّا في واقعهم، فلا يعجز الباحث أن يجد في سيرهم الترجمة العمليَّة لها، وهذا له أثره في الإفادة منها. قيل لحمدونٍ القصَّار: ما بال كلام السلف أنفع من كلامنا؟ قال: لأنَّهم تكلَّموا لعزِّ الإسلام، ونجاة النفوس، ورضا الرحمن، ونحن نتكلَّم لعزِّ النفوس، وطلب الدُّنيا، ورضا الخلق (?).

يقول ابن القيِّم رحمه الله - مبيِّنًا هذا المعنى في حقِّ الصحابة - رضي الله عنهم -: «ولا ريب أنَّهم كانوا أبرَّ قلوبًا، وأعمق علمًا، وأقلَّ تكلُّفاً، وأقرب إلى أن يوفَّقوا لما لم نوفَّق له نحن؛ لما خصَّهم الله تعالى به من توقُّد الأذهان، وفصاحة اللسان، وسعة العلم، وسهولة الأخذ، وحسن الإدراك وسرعته، وقلة المعارض أو عدمه، وحسن القصد، وتقوى الربِّ تعالى؛ فالعربية طبيعتهم وسليقتهم، والمعاني الصحيحة مركوزةٌ في فطرهم وعقول».اهـ (?).

إذا تبيَّن هذا، فلنبيِّن على وجه الاختصار معنى الوعظ وحقيقته:

فالوعظ في اللُّغة يدور على الترغيب، والترهيب، قال ابن فارسٍ: الوعظ: التخويف، والعظة الاسم منه، وقال الخليل: هو التذكير بالخير وما يرقُّ له قلبه (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015