سكت عنه وأعرض، تولَّى الناس الدفاع عنه، والانتصار له، وهذا من ثمار التخلُّق بأخلاق عباد الرحمن الذين لا يكتفون بالسكوت عمَّا يلقونه من السَّفه، بل يرتقون درجةً أعظم، وهي مقابلة السَّفه بالقول الليِّن، والخطاب السديد! كما قال الله عنهم: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} [الفرقان: 63]
إنَّ مقابلة السفيه بمثل قوله، وإن جاز شرعًا، فإنَّه ليس من درجات الكمال، بل الأولى الإعراض عنهم؛ لأنَّهم - لسفههم - يظُّنُّون أنَّ إجابتهم على سفههم نوعٌ من الاعتبار لهم؛ ولهذا يجمل بالعاقل أن يتحاشى هذا، على حدِّ قول الأوَّل:
يُخاطبني السَّفيه بكلِّ قُبحٍ ... فاكره أن أكون له مجيبا
يزيد سفاهةً وأزيد حلمًا ... كعودٍ زاده الإحراق طِيبا
وهذا النوع من السفهاء، لئن كان الإنسان لا يلقاهم في الزمن السابق إلا لِمامًا، فإنَّه اليوم يلقاهم كلَّ يومٍ بل بالساعات! من خلال مواقع التواصل الاجتماعيِّ - كتوتير والفيسبوك! - وهذا شيءٌ معروفٌ ومجرَّبٌ لمن له أدنى مشاركةٍ في هذه المواقع، ولا دواء أحسن من الإعراض عنهم، ولقد رأى المجرِّبون صدق مقولة أبي الحسن - رضي الله عنه - «حلمك على السَّفيه يكثِّر أنصارك عليه».
• ومن مواعظه - رضي الله عنه - قوله (?):
«المشاورة حصنٌ من النَّدامة، وأمنٌ عن الملامة».