يكرم وفده، وأنَّ طالبه- جلَّ وعلا- لا يخيب، وراجيه لا يردُّ، متى ما صدق في الطلب، وأعظم الرغبة، وأظهر الافتقار.

وأشار ابن الزبير إلى الإخلاص في هذه الرحلة العظيمة - رحلة الحجِّ - حين قال: «جئتم من آفاقٍ شتَّى في غير تجارةٍ ولا طلب مالٍ ولا دنيا، ترجون ما هنا»، وهذا ما ينبغي أن يكون عليه الحاجُّ، لا يطلب سمعةً، ولا يبحث عن لقبٍ، بل غايته ومُناه: طلب الرِّضوان الأكبر، ومغفرة الذنب، وستر العيب، وحسن الختام.

لقد ظهر- من وصف الراوي لهذه الخطبة - أثرها على الحجَّاج في ذلك اليوم العظيم، ولعلَّ هذا من أثر صدق ابن الزبير رضي الله عنهما في وعظه.

وهكذا .. يسري أثر هذه المواعظ في الناس، حين يسري أثرها في واعظهم، الذي يُصدِّق قوله بفعله، ونصحه بتطبيقه، فإن حدث العكس، قلَّ الانتفاع به، وضعف الأثر.

وليس المراد أنَّ الإنسان لا يعظ ولا يذكِّر إلا بعد أن يستكمل الفضائل، كلَّا:

ولو لم يعظ في النَّاس من هو مذنب ... فمن يعظ العاصين بعد محمَّد؟!

قال سعيد بن جبيرٍ: لو كان المرء لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر حتى لا يكون فيه شيءٌ، ما أمر أحدٌ بمعروفٍ ولا نهى عن منكرٍ! (?).

وإنَّما المراد أن يتفقَّد قلبه وعمله؛ حتى لا يكون ممَّن قال الله فيه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015