وفي قصة الخصمين اللذين دخلا على داود، قال تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَآ إِلَى سَوَآءِ الصِّرَاطِ} [ص: 21، 22].
والواجب الحذر من مسلك البغي؛ فإنَّ عقوبته مُعجَّلةٌ، وأول المتضرِّرين منه الباغي نفسه، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [يونس: 23]. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «ما كان من الذُّنوب يتعدَّى ضرر فاعله، عجِّلت لصاحبه العقوبة في الدُّنيا تشريعًا وتقديرًا؛ لأنَّ تأخير عقوبته فسادٌ لأهل الأرض» (?).
* * *
• ومن مواعظ ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما قوله (?):
«إذا أردتَّ أن تذكر عيوب صاحبك، فاذكر عيوب نفسك».
إنَّها موعظةٌ تهذِّب النفس، وتكبح جماح النقد عندها؛ فإنَّ النفوس - إلا من رحم الله - مُولعةٌ بانتقاد الآخرين، والحديث عن معايبهم، والغفلة عن عيوبهم التي هم والغون فيها، وربَّما كانت أعظم ممَّا عابوا به غيرهم.
وهذا كما أنَّه مذمومٌ وقبيحٌ بالإنسان؛ فهو من علامات الخِذلان