حاصلها أنَّ رجلًا صالحًا مؤذِّنًا وقعت عينه على امرأةٍ نصرانيَّةٍ، فعلقها قلبه، فخطبها، واشترط أهلها أن يتنصَّر، فوافق! فتنصَّر، لكنَّه مات قبل أن يدخل بها!
نعوذ بالله من الخذلان وسوء الخاتمة!
ولخطورة هذا النظر؛ جاء الأمر بغضِّ البصر للرجال والنساء، على خلاف المعتاد في غالب أوامر القرآن، التي تكتفي بتوجيه الخطاب للعموم، فقال تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: 30، 31].
بل نصَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على أنَّ من أهمِّ مقاصد النكاح غضَّ البصر، فقال: (يا معشر الشَّباب، من استطاع منكم الباءة، فليتزوَّج؛ فإنَّه أغضَّ للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع، فعليه بالصَّوم؛ فإنَّه له وجاءٌ) (?).
ولمَّا نهى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن الجلوس في الطُّرقات، قال الصحابة - رضي الله عنهم -: يا رسول الله، ما لنا بُدٌّ من مجالسنا نتحدَّث فيها! قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (فإذا أبيتم إلَّا المجلس، فأعطوا الطَّريق حقَّه)، قالوا: وما حقُّه؟ قال: (غضُّ البصر، وكفُّ الأذى، وردُّ السَّلام، والأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر) (?) فبدأ بغضِّ البصر.
وإذا كان هذا التوجيه الربانيُّ والنبويُّ يتكرَّر في تلك الحِقبَة من الزمن، التي كانت عامَّة النساء فيها على قدرٍ كبيرٍ من الحشمة والسِّتر؛