وممَّا يُلحظ في موعظة أبي هريرة: تشبيهه المعاصي بالشَّوك، وتشبيه تجاوزه بالطاعة! ولله ما أصوبه من تشبيهٍ! فإنَّ للمعاصي وخزًا يؤثِّر في القلوب، كما أنَّ للشوك وخزًا وألمًا على أقدام الماشين عليه، يشعر بهذا من كانت قلوبهم حيَّة؛ تشعر بألم الذنب ووخزه.
لكن ما الحيلة فيمن ينزل في أودية المعاصي ليلًا ونهارًا ولا يشعر بوخز الشوك؟!
إنَّ التقوى أعظم مطالب الصالحين، وغاية مراد العابدين!
ولا عجب؛ فإنَّ القارئ لكتاب الله لا يجد عناءً في إدراك الثمرات والأجور التي وعدها الله تعالى لعباده المتَّقين.
كما لا يجد عناءً في معرفة ما يناله المتَّقون من كرامات وفضائل في الدُّنيا والآخرة! ألسنا نقرأ في أول سورة البقرة: {آلم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 1، 2]؟ ألا يكفي أنَّ الله يحبُّهم؟ {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: 4]. المتَّقون هم أهل معيَّة الله: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: 36]. العاقبة لهم: {إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ} [هود: 49].
هم وفد الله الذين نالوا كرامته: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا} [مريم: 85].
هم الذين تبقى صداقتهم يوم تتصرَّم بقية العلائق: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف: 67].
بل إنَّ الله تعالى نسب الجنة إليهم! فقال: {وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ} [النحل: 30].