ومن تأمَّل في الغيبة فقط، أدرك حقيقة هذا المعنى!
يقول ابن الجوزيِّ رحمه الله: «فكم أفسدت الغيبة من أعمال الصالحين! وكم أحبطت من أجور العامِلِين! وكم جلبت من سخط ربِّ العالمين! فالغيبة فاكهة الأرذلين، وسلاح العاجزين، مُضغةٌ طالما لفظتها ألسنة المتَّقين، ونَغمةٌ طالما مجَّتها أسماع الأكرمين» (?).
فالله الله أيُّها الإخوة .. لنجتهد في حفظ ألسنتنا من آفاتها، خاصةً الغيبة التي أحرقت من الحسنات ما شاء الله أن تُحرق!
وليحذر العبد من اعتيادها؛ فإنَّ المعاصي اللسانيَّة «إذا صارت معتادةً للعبد، فإنه يعزُّ عليه الصبر عنها؛ ولهذا تجد الرجل يقوم الليل، ويصوم النهار، ويتورَّع من استناده إلى وسادة حريرٍ لحظةً واحدةً، ويطلق لسانه في الغيبة والنميمة والتفكُّه في أعراض الخلق!» (?).
نعوذ بالله أن تقودنا حصائد ألسنتنا إلى موارد الهلاك في الدُّنيا والآخرة.
* * *
• ومن مواعظ سلمان - رضي الله عنه - أنَّه سُئل: ما حسبك؟ فقال (?):
«كرمي ديني، وحسبي التراب، ومن التراب خُلقت، وإلى التراب أصير، ثم أبعث وأصير إلى الموازين؛ فإن ثقلت موازيني، فما أكرم حسبي، وما أكرمني على ربِّي! يُدخلني الجنة، وإن خفَّت موازيني، فما ألأم حسبي، وما أهونني على ربِّي! ويعذِّبني، إلا أن يعود بالمغفرة والرحمة على ذنوبي».