قيل: تناس مساوئ الإخوان، يدم لك ودُّهم، وبالجملة: فغنيمة الأصدقاء الصالحين لا تتوقَّف عند الحياة، بل هي ممتدَّةٌ إلى يوم الدِّين: {الْأَخِلَّآءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف: 67] فالله الله في حفظ الودِّ، والتغاضي عن الزلة؛ فالتغافل من شيم الكرام.

* * *

• ومن مواعظه - رضي الله عنه - قوله (?):

«ابن آدم، إنَّما أنت أيامٌ؛ فإذا ذهب يومٌ، ذهب بعضك.

ابن آدم، إنَّك لن تزال في هدم عمرك منذ يوم ولدتك أمُّك».

هذه حقيقة الزمن ... وهذه حقيقة السنوات التي نقطعها في هذه الحياة ... ولكأنَّما العمر بيتٌ وبناءٌ كبيرٌ، فإذا ذهب يومٌ أو ساعةٌ سقطت منه لبنةٌ ... فتقدُّم السِّنِّ هو من جهةٍ زيادةٌ، ومن جهةٍ أخرى نقصٌ! لأنَّ حقيقته أنَّه يقرِّبك إلى أجلك.

والناس في هذا الموضوع بين غالٍ وجافٍ! فطلب طول العمر لا يحمد ولا يذمُّ لذاته، بل لمتعلَّقة وقصد الداعي به!

ودونك هذه المناجاة الجميلة التي تعبِّر عن هذا المعنى بدقةٍ، والتي بثَّها ابن الجوزيِّ في كتابه النافع: «صيد الخاطر» حيث يقول رحمه الله: «دعوت يومًا فقلت: اللَّهمَّ بلِّغني آمالي من العلم والعمل، وأطل عمري لأبلغ ما أحبُّ من ذلك، فعارضني وسواسٌ من إبليس، فقال: ثم ماذا؟ أليس الموت؟ فما الذي ينفع طول الحياة؟! فقلت له: يا أبله، لو فهمت ما تحت سؤالي، علمت أنَّه ليس بعبثٍ! أليس في كل يومٍ يزيد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015