الله أكبر! يا لها من أعمالٍ! صيامٌ، وقيامٌ، وطلب علمٍ! فلم يدع مجالًا من أصول الخير إلا ولجه!
إنَّ هذه الأمنيَّة لتشبه كثيرًا تلك المناجاة التي بثَّها ابن الجوزيِّ رحمه الله في كتابه الماتع: «صيد الخاطر»، حيث يقول: «دعوت يومًا فقلت: اللَّهمَّ بلِّغني آمالي من العلم والعمل، وأطل عمري لأبلغ ما أحبُّ من ذلك، فعارضني وسواسٌ من إبليس، فقال: ثم ماذا؟ أليس الموت؟ فما الذي ينفع طول الحياة؟! فقلت له: يا أبلة، لو فهمت ما تحت سؤالي، علمت أنَّه ليس بعبثٍ! أليس في كلِّ يوم يزيد علمي ومعرفتي، فتكثر ثمار غرسي، فأشكر يوم حصادي؟! أفيسرُّني أنني متُّ منذ عشرين سنةً؟! لا والله؛ لأنِّي ما كنت أعرف الله تعالى عشر معرفتي به اليوم! وكلُّ ذلك ثمرة الحياة التي فيها اجتنبت أدلة الوحدانيَّة، وارتقيت عن حضيض التقليد إلى يفاع (?) البصيرة، واطَّلعت على علوم زاد بها قدري، وتجوهرت بها نفسي، ثم زاد غرسي لآخرتي، وقد قال الله لسيِّد المرسلين: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114]، وفي الصحيح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: (لا يزيد المؤمن عمره إلاَّ خيرًا)، فيا ليتني قدرت على عمر نوحٍ؛ فإنَّ العلم كثيرٌ! وكلَّما حصل منه حاصلٌ، رفع ونفع» (?).
وهنا نتساءل مرةً أخرى: ما هي الأمانيُّ التي تجول بخواطرنا عند طلب طول الحياة؟!
اللَّهمَّ اجعلنا ممَّن طال عمره وحسن عمله، واجعلنا يا مولانا ممَّن فرح بقدومه عليك، وأعنته على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
...