هم الذين اصطفاهم الله لصحبة نبيِّه - صلى الله عليه وسلم -. ونشر دينه، فأخرجوا من شاء الله من عبادة العباد إلى عبادة ربِّ العباد، ومن ضيق الدُّنيا إلى سعتها، ومن جور أهل الطغيان إلى عدل الإسلام، وعلى أيديهم سقطت عروش الكفر، وتحطَّمت شعائر الإلحاد، وذلَّت رقاب الجبابرة والطغاة، ودانت لهم الممالك.
إنَّهم أصحاب محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -: «الذين شهدوا الوحي والتنزيل، وعرفوا التفسير والتأويل، وهم الذين اختارهم الله سبحانه وتعالى لصحبة نبيِّه - صلى الله عليه وسلم - ونصرته، وإقامة دينه، وإظهار حقِّه، فرضيهم له صحابةً، وجعلهم لنا أعلامًا وقدوةً، فحفظوا عنه - صلى الله عليه وسلم - ما بلَّغهم عن الله عز وجل، وما سنَّ وما شرع، وحكم وقضى وندب، وأمر ونهى وأدَّب، ووعوه وأتقنوه، ففقهوا في الدِّين، وعلموا أمر الله ونهيه ومراده بمعاينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... ونفى عنهم الشكَّ والكذب والغلط والريبة والغمز، وسمَّاهم عدول الأمَّة، فقال - عزَّ ذكره - في محكم كتابه {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة: 143]» (?).
إنَّهم أصحاب محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - الذين: «سمحت نفوسهم - رضي الله عنهم - بالنفس والمال والولد والأهل والدار، ففارقوا الأوطان، وهاجروا الإخوان، وقتلوا الآباء والإخوان، وبذلوا النفوس صابرين، وأنفقوا الأموال محتسبين، وناصبوا من ناوأهم متوكِّلين، فآثروا رضاء الله على الغناء، والذلَّ على العزِّ، والغربة على الوطن، هم المهاجرون: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَائِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحشر: 8] حقًّا، ثمَّ إخوانهم من