المسائل، أو يسوِّغون لأنفسهم الوقوع في المشتبهات؛ حتى يقودهم ذلك إلى مهيع المحرَّمات، فتذبل شجرة الخشية في قلوبهم، ويقع الاغترار بسعة العفو، وسبق الرحمة، ثم لا يدري إلا وقد عصى أو قارب، فيجد في قلبه قسوةً! ويعاد السؤال مرةً أخرى: ما قيمة العلم هنا إذا لم يحمل على الخشي والورع؟!

• ومن مواعظه - رضي الله عنه - قوله (?):

«لو سخرت من كلبٍ، خشيت أن أحوَّل كلبًا!».

هذا أثرٌ من آثار العلم الذي امتلأ به صدر ابن مسعودٍ - رضي الله عنه -؛ ذلك أنَّ السخرية ليست من خصال أهل الإيمان الذين ناداهم الله تعالى بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا} [الحجرات: 11]، بل يمتدُّ هذا إلى كفِّ ألسنتهم عن السخرية بغير المكَّلفين؛ إذ الخالق للكلِّ هو الله تعالى، ولو شاء الله لكان الإنسان مثل من سخر به!

وهذا المعنى تواردت عليه كلمات السلف - رحمهم الله - فهذا إبراهيم النَّخعيُّ يقول: «إنِّي لأرى الشيء أكرهه، فما يمنعني أن أتكلَّم فيه إلا مخافة أن أُبتلى بمثله» (?).

وقال أبو ميسرة: «لو رأيت رجلًا يرضع عنزًا فسخرت منه، خشيت أن أكون مثله» (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015