قال ضَيْغَمُ العابِدُ: إن لم تأتِ الآخرةُ بالسرور لقد اجتمع عليه الأمران: هَمُّ الدُّنْيَا، وشَقَاءُ الآخِرَة. فقيل له: كيفَ لا تأتيه الآخرة بالسرور وهو يتعبُ في دار الدنيا ويدَأب؟ قال: كيف بالقَبُول، كيف بالسلامة.
ثم قال: كم مِن رجل يَرى أنه قد أصلحَ عَمَلَهُ يُجمَعُ ذلك كلّه يومَ القيامة ثم يضربُ به وَجْهَهُ ومِن هنا كان عامر بن عبد قيس وغيره يقلقون مِن هذه الآية: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} .
وقال ابنُ عَون: لا تثق بكثرةِ العملِ، فإنك لا تَدْرِي يُقْبَلُ منكَ أم لا؟ ولا تأمن ذُنوبَك فإنك لا تَدري هَلْ كفّرتْ عنكَ أم لا؟ لأن عَمَلَكَ عنكَ مُغَيَّب كُلُه لا تَدْرِي ما الذي صَانِع به. وبكَى النَّخعي عندَ الموتِ وقال: أنتظرُ رَسُولَ رَبي ما أدري أيُبَشِّرُني بالجنة أو النار.
اللَّهُمَّ نَوِّرْ قُلُوبَنَا بِنُورِ الإِيمَانِ وَثَبِّتْهَا عَلَى قَوْلِكَ الثَّابِتْ في الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينِ وَأَلْحِقْنَا بِعِبَادِكَ الصَّالِحِينِ يَا أَكْرَمَ الأَكْرَمِينَ. وَيَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
(فَصْلٌ)
وعن أنس رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: دعا رجل فقال: اللَّهُمَّ إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت الحنان المنان بديع السماوات والأرض ذو الجلال والإكرام يا حي يا قيوم.
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أتدرون بما دعا» ؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «والذي نفسي بيده لقد دعا باسمه الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب وإذا سئل به أعطى» . أخرجه أصحاب السُّنَن.
عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «دعوة ذي النون إذْ