فَقَالَ لي هارون: يا وكيع إن أهل بلدك طلبوا مني قاضياً وسموك لي فيمن سموا وقد رأيت أن أشركك في أمانتي.
فقلت: يا أمير المؤمنين أنا شيخ كبير وإحدى عيني ذاهبة والأخرى ضعيفة. فَقَالَ هارون: اللهُمَّ غفراً خذ عهدك أيها الرجل وامض.
فقلت: يا أمير المؤمنين والله لئن كنت صادقاً إنه لينبغي أن لا يقبل مني ولئن كاذباً فما ينبغي أن تولي القضاء كذاباً فَقَالَ: أخرج فخرجت.
ودخل ابن إدريس فسمعنا وقع ركبتيه على الأرض حين برك وما سمعناه يسلم إلا سلاماً خفياً.
فَقَالَ له هارون: أتدري لما دعوتك؟ قَالَ لا. قَالَ: إن أهل بلدك طلبوا مني قاضياً وإنهم سموك لي فيمن سموا.
وقد رأيت أن أشركك في أمانتي وأدخلك في صالح ما أدخل فيه من أمر هذه الأمة فخذ عهدك وامض.
فَقَالَ له ابن إدريس: وأنا وددت أني لم أكن رأيتك فخرج. ثم دخل حفص فقبل عهده فأتى خادم معه ثلاثة أكياس في كل كيس خمسة آلاف.
فَقَالَ إن أمير المؤمنين يقرؤك السلام ويقول لكم قد لزمتكم في شخوصكم مؤنة فاستعينوا بهذه في سفركم.
قَالَ وكيع فقلت: أقرئ أمير المؤمنين السلام وقل له قد وقعت مني بحيث يحب أمير المؤمنين وأنا مستغن عنها.
وأما ابن إدريس فصاح به مُرَّ من هاهنا أي ردها وقبلها حفص.
وخرجت الرقعة إلى ابن إدريس من بيننا عافانا الله وإياك