وأما الثالثة: فإني رأيت كل من معه شيء له قيمة عنده يحفظه، فنظرت في قوله تعالى: {مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللهِ بَاقٍ} فكلما وقع معي شيء له قيمة وجهته إليه ليبقى عنده.

وأما الرابعة: فإني رأيت الناس يرجعون إلى المال والحسب والشرف، فنظرت إلى قول الله تعالى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ} فعملت بالتقوى لأكون عنده كريماً.

وأما الخامسة: فإني رأيت الناس يتحاسدون فنظرت في قول الله تعالى: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ} فتركت الحسد.

وأما السادسة: فإني رأيتهم يتعادون فنظرت في قول الله تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً} فتركت عداوتهم واتخذت الشيطان عدواً.

والسابعة: رأيتهم يذلون أنفسهم في طلب الرزق فنظرت في قول الله تعالى: {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللهِ رِزْقُهَا} فاشتغلت بما له علي وتركت ما لي عنده.

وأما الثامنة: فإني رأيتهم متوكلين على تجارتهم وصنائعهم وصحة أبدانهم فتوكلت على الله تعالى.

[فائدة]

اعلم أن ذكر الله تارة يكون لعظمته فيتولد منه الهيبة فالإجلال، وتارة يكون لقدرته فيتولد منه الخوف والحزن، وتارة لنعمته فيتولد منه الحمد والشكر ولذلك قِيلَ ذكر النعمة شكرها وتارة لأفعاله الباهرة فيتولد منه العِبَر، فحق على المؤمن أن لا ينفك أبداً من ذكره على أحد هذه الأوجه.

سأل بعضهم وكيعاً عن مقدمه هو وابن إدريس وحفص على هارون الرشيد فَقَالَ: كان أول من دعا به أنا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015