وَسَعَادَةَ الْمُتَّقِينَ، وَدَرَجَاتِ الفَائِزِينَ، يَا أَفْضَلَ مَنْ رُجِيَ وَقُصِدَ، وَأَكْرَمَ مَنْ سُئِلَ.
اللَّهُمَّ يا مَنْ لا تَضُرَّهُ الْمَعْصِيةُ ولا تَنْفَعَهُ الطَّاعَةِ أَيْقِظْنَا مِنْ نَوْمِ الغَفْلَةِ وَنَبَّهْنَا لاغْتِنَامِ أَوْقَاتِ الْمُهْلَةِ وَوِفِّقْنَا لِمَصَالِحْنَا وَاعْصِمْنَا مِنْ قَبَائِحْنَا وَذُنُوبِنَا وَلا تُؤاخِذْنَا بِمَا انْطَوَتَ عَلَيْهِ ضَمَائِرُنَا وَأَكَنَّتْهُ سَرائِرُنَا مِنْ أَنْوَاعِ القَبَائِحِ والْمَعَائِبِ.
اللَّهُمَّ أَرِنَا الْحَقَّ حَقًا وَارْزُقْنَا إتِّبَاعَه، وَأرِنا الباطل باطلاً وَارْزُقْنَا اجْتِنَابَهُ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينََ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
(فَصْلٌ)
في هذه الآيات الكريماتِ، والأحاديثِ الشريفةِ بيانُ فَضْلِ الْجِهَادِ وَالشُّهَدَاءِ وَكَرَامَتُهُمْ، وَمَا مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ بِهِ مِنْ فَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ، وَفِي ضِمْنِهَا تَسْلِيَةٌ لِلأَحْيَاءِ عَنْ قَتْلاهم، وَتَعْزِيَةٌ لَهُمْ، وَتَنْشِيطٌ لَهُمْ عَلى القِتَالِ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالْمُثَابَرَةِ عليهِ، وَالتَّعَرُّضِ لِلشَّهَادَةِ، وَالْجِدِّ وَالاجتهادِ في الْحُصُولِ عَلَيْهَا، نَسْأَلُ اللهَ الْحَيَّ القيومَ، العليَّ العظيمَ، أَنْ يوفِقَنَا لَهَا إِنَّهُ القَادِرُ على ذلك.
عَنْ أَنَسٍ بن مالكٍ - في أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذيِن أرسلَهُمْ نَبِيُّ اللهِ إلى بئْرِ مَعُونَةَ - قالَ: لا أَدْرِي أَرْبَعِينَ أَوْ سَبْعِينَ وَعَلَى ذَلِكَ الْمَاء عَامِرُ بنُ الطُّفيلِ الْجَعفريُ فخرَجَ أَولئك النَّفَرُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَتُوا غَارًا مُشْرِفًا على الماءِ، فقعَدُوا فِيهِ ثُمَّ قَالَ: بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أَيُّكُمْ يُبَلِّغُ رِسَالةَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ هَذَا الْمَاءِ؟ فَقَالَ - أُراهُ - أبو مِلْحَانَ الأَنْصَارِي: أَنَا أُبَلِّغُ رِسَالَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ حتَّى أَتَى حَوْلَ بَيْتِهِمْ فَاخْتَبَأ أمَامَ البُيُوتِ ثَمَّ قَالَ: يَا أَهْلَ بِئْرِ مَعُونَةَ إني رُسُولُ رَسُولِ اللهِ إليكُمْ أَني أشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ،