فإذا تبين أن النميمة داء وبيل، وشر خطير تترتب عله كُلّ هذه الشرور والمفاسد فعلى من نقُلْتُ إليه النميمة مثل أن يُقَالُ له: قال فيك فلان كَذَا وَكَذَا، أو فعل في حقك كَذَا ونحو ذَلِكَ أن لا يصدق الناقل لأن النمام فاسق لا يصح الوثوق بخبره.
ثانيًا: أن ينهي الناقل وينصحه إن كَانَ يظن به خيرًا ويعتقَدْ أن يتأثر بالموعظة الحسنة فيذكر له ما يترتب على نمامته من إيذاء الأبرياء وظلم النَّاس في أموالهم وأرزاقهم ويحذره من عاقبة وشايته وأنه ربما ينكشف أمره عَنْدَ حاكمٍ عادلٍ فيقتص منه شر قصاصٍ أو يظهر كذبه عَنْدَ من ينقل إليه فينعكس غرضه وأنه ربما نم على رجل أقوى منه فينتقم لنفسه بما لا قبل له به وإن النمام ساقط المروءة في أنظار النَّاس، مبغوضًا عندهم حتى أقربائه الَّذِينَ فيهم خَيْر وصلاح، فربما يرتدع بذَلِكَ.
ثالثًا: أن لا يظن بأخيه الغائب السُّوء وخَيْر علاج يقضي عَلَيْهِ أن ينصرف النَّاس عن النمام ولا يستمعون له لأنه حسود وأكثر من يعادي أَهْل الفصل والدين الحساد لأنهم لا يرضون أعمالهم، وتجد الحسود إذا عجز أن يصل إلى ما وصل إليه الكرام يعيبهم ويتنقصهم.
قال الشاعر:
إِذَا بَعُدَ الْعُنُقُودُ عَنْهُ وَلَمْ يَصِلْ ... إليه بِوَجْهٍ قَالَ مُرٌّ وَحَامِضُ
آخر: ... وَقَدْ يَنْبَحُ الْكَلْبُ السَّحَابَ وَدُونَهُ ... مَهَامِهُ تُعْشِي نَظْرَةَ الْمُتَأَمِلِ
قال الشاعر: (وَذُو النَّقْصِ فِي الدُّنْيَا بِذِي الْفَضْلِ مَوْلَعُ)