فكَذَلِكَ إن محقرات الذُّنُوب تتجمع عَلَى الْعَبْد وَهُوَ يستهين بشأنها حتي تهلكه.
فإن نجا من هذه العقبة بالتحرز والتحفظ ودوام التوبة والاستغفار وأتبع السيئة الحسنة طلبه عَلَى:
" العقبة الخامسة ":
وهي عقبة المباحات التي لا حرج عَلَى فاعلها، فشغله بِهَا عن الاستكثار من الطاعات، وعن الاجتهاد فِي التزود لمعاده ثُمَّ طمَعَ فِيه أن يستدرجه منها إلي ترك السُّنَن، إلي ترك الواجبات.
وأقل ما ينال منه: تفويته الأرباح والمكاسب العظيمة والمنازل العالية ولَوْ عرف السعر ما فوت عَلَى نَفْسهِ شيئاً من القربات، ولكنه جاهل بالسعر.
فإن نجا من هذه العقبة ببصيرة تامة ونور هاد ومعرفة بقدر الطاعات والاستكثار منها وقلة المقام عَلَى الميناء وخطر التجارة وكرم المشتري، وقدر ما يعوض به التجار فبخل بأوقاته وضمن بأنفاسه أن تذهب فِي غَيْر ربحٍ، طلبه الْعَدُوّ عَلَى:
" العقبة السادسة ":
وهي عقبة الأعمال المرجوحة المفضولة من الطاعات فأمره بِهَا وحسنها فِي عينه وزينها لَهُ وأراه ما فيها من الفضل والرِّبْح، ليشغله بِهَا عما هُوَ أفضل منها وأعظم كسباً وربحاً.
لأنه لما عجز عن تخسيره أصل الثواب طمَعَ فِي تخسيره كماله وفضله، ودرجاته العالية، فشغله بالمفضول عن الفاضل وبالمرجوح عن الراجح، وبالمحبوب لله عن الأحب إليه، وبالمرضي عن الأرضي له.
ولكن أين أصحاب هذه العقبة؟ فهم الأفراد فِي العالم. والأكثرون قَدْ ظفر بِهم فِي العقبات الأوَلِ.
فإن نجا منها بفقه فِي الأعمال ومراتبِهَا عِنْدَ الله ومنازلها فِي الفضل،