شِعْراً: ... تَعَمَّدِني بِنُصْحٍ في انْفِرَادِ ... وجَنِبّنِي النَّصِيْحَةَ فى الجَمَاعَةْ
فإِنْ النُّصْحَ بين الناسِ ضَرْبَ ... من التَّوْبْيخ لا أَرْضَى اسْتمَاعَهْ
فإِنْ خَالَفْتنِي لِتُرِيْدَ نَقْصِيْ ... فلا تَغْضَبْ إِذا لم تُعطَ طَاعَةْ
وَعِنْدَمَا يُهْمِلُ الصَّدِيْقُ صَدِيْقَهُ وَيُهْمِلُ الأَخُ حَقَّ أَخِيْهِ عَلَيْهِ في النُّصْحِ وَالارْشَادِ تَسُوء عَلائِقُ بَعْضِهمْ مَعَ بَعْضٍ وَتَنْقَلِب الصَّدَاقَةُ عَدَاوَةً وَيُصْبحُ أَمْرُ المجَتمَعِ فَوْضَى يَمُوْجُ بِالشَّرَّ وَالاثْمِ.
وَلَقَدْ أخْبَرَنَا اللهُ في القُرْآنِ الكَريْمِ أنَّ بَنيْ اسْرَائِيلَ اسْتَحَقُّوا اللَّعْنَةَ وَالحِرْمَاَن وَالتَّشْرِيدِ لأَنَّهُمَ كَانُوا لا يَتَناصَحُونَ، قَالَ تَعَالى {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَي لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَي ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ * كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ}
وَلَيْسَ أَدَلَّ علي رُقِيّ الأمَّةِ وَاستِقَامَةِ ضَمَائِرهَا مِنْ تَمَسُّكِهَا بِخُلُقِ التَّنَاصُحِ فِيْمَا بَيْنِهَا وَالتَّوَاصِيْ بِالحَق، قاَل تَعَالى {وَالْعَصْرِ إِنَّ الإنسان لَفِي خُسْرٍ إلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} .
رُويَ عَنْ الشَّافِعِيّ رَحمَهُ اللهُ أنّهُ قَالَ لَوْ لَمْ يَنْزِلْ غَيرَ هَذِهِ السُّورَةِ لَكَفَتِ النَّاسِ.
وَكانَ الرَّجُلانِ مِنْ أَصْحَابِ النّبيِ ? إِذَا الْتَقَيا لَمْ يَتَفَرَّقَا حَتّى يَقْرَأَ أَحَدُهُمَا عَلى الآخِر سُوْرَةَ العَصْرِ ثمَّ يُسَلَّمُ أَحَدُهُمَا عَلى الآخَرِ.
قُلْتُ: وَذَلِكَ أَنَّ الأَوَامِرَ وَالنَّوَاهِي كُلُّهَا تَدُوْرُ عَلى التَّوَاصِيْ بِالحَقَّ وَالتّواصِيْ بالصَّبْرِ، فَالتَّواصِيْ بالحَقَّ مِثلُ الايْصَاءِ بِتَوْحِيْدِ اللهِ والإيمَانِ بِهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ واليَوْمِ الآخِرِ وَالقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرّهِ.
وَالإيصَاءِ بالصَّلاةِ والزَّكَاةِ وَالصَّيام وَالحَجَّ وبرَّ الوَالِدَيْنَ وَصِلَةِ الأرْحَامِ والإحسَانِ إلى اليَتِيْمِ وَالمِسْكِينِ وَالجَارِ وَابْنِ السَّبِيْلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.