وَجَاءَ صَاحِبُ الكِيْسِ فَطَلَبَ وَدِيْعَتَهُ فَدَفَعَ إلَيْهِ الكِيْسَ بِخَتْمِهِ لَمْ يَتَغَيّر فلمَّا فَتحهُ وَشَاهَدَ الحَالَ رَجَعَ إليهِ وقَالَ: إنّيْ أوْدَعْتُكَ دَنَانْيِرَ وَالتِيْ دَفَعْتَ إليَّ دَرَاهِم. فَقَالَ: هُوَ كِيسُكَ بِخَاتَمِكَ فاسْتَعْدَي عَليهِ القَاضِيْ فَأَمرَ بِإحضَارِ المُودَعِ فلمَّا صَارَ بَيْنَ يَدَيهِ قَالَ القَاضِيْ: مُنْذُ كَمْ أوْدَعَكَ هَذَا الكٍيسُ فقالَ: مُنْذُ خمَسَة عَشَر سَنَةً.
فَأَخَذَ القَاضِيْ تِلْكَ الدَّراهِمَ وَقَرَأَ سِكَّتَها فَاذا فِيْهَا مَا قد ضُرب مِنْ سَنَتَينِ وَثَلاثٍ فَأمَرهُ بِدَفْعِ الدَّنَانِيْر إلَيهِ وَأسْقَطَهُ وَنَادَى عَلَيْهِ، وَاسْتَوْدَعَ رَجُلٌ لِغَيرهِ مَالاً فَجَحَدهُ فَرفعَهُ إِلى إيَاسِ فَسَألهُ فَأنكَرَ.
فَقَالَ لِلمُدَّعِيْ أَيْنَ دَفَعْتَ إِلَيهٍ فَقَالَ في مَكَانِ كَذا في البَرَّيَّةِ. فَقَالَ: وَمَا كانَ هُنَاكَ؟ قَالَ: شَجَرةٌ. قَالَ: اذْهَبْ إلَيْهَا فَلعَلَّكَ دَفَنْتَ المَالَ عِنْدَها وَنَسِيْتَ فَتَذكُرَ إذَا رَأيْتَ الشَّجَرَةَ فَمَضَى وَقَالَ لِلْخَصٍمِ: اجْلِسْ حَتَّى يَرْجِعَ صَاحِبُكَ وَإيَاسٌ يَقْضِيْ وَينظُرُ إليهٍ سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةً.
ثُمَّ قَالَ: يا هَذَا أتَرَى صَاحِبَكَ بَلَغَ مَكَانَ الشَّجَرَةِ قَالَ: لاَ. قَالَ: يا عَدُوَّ اللهِ إنَّكَ خائِنٌ. قَالَ أقِلنِي قَالَ أقَالَكَ اللهُ فَأمَرَ مَنْ يَحْتَفِظُ بِهِ حَتَّى جَاءَ الرَّجُلُ فَقَالَ لهُ إيَاسٌ اذْهَبْ مَعَهُ فَخُذْ حَقَّكَ.
وَتَقَدَّمَ رَجُلٌ شَيْخٌ أَيْ كَبِيرُ السَّنَّ ومَعَهُ غُلام حَدَثٌ أيْ صَغِيرٌ إلي القَاضِيْ أبِي حَازِمٍٍٍ فَادّعَى الشَّيْخُ على الغُلامِ بألٍفْ دِينارٍ دَيناً فَقَالَ مَا تَقُولَ قَال نَعَمْ فقَالَ القَاضِيْ للشَيخِ مَا تُرِيْدُ قالَ احِبْسُه قَال لا.
فَقَالَ الشَّيْخُ إنْ رَأَى القاضِيْ أنْ يَحبِسَهُ فَهُوَ أرْجَى لِحُصُولِ مَالِي فَتَفَرَّس أبُو حَازِمٍ فِيْهَما سَاعَةً ثم قالَ تَلَازَما حَتّى أنْظُرَ في أمْرِكُمَا في مَجلِسٍ آخرَ فقَالَ لهُ مُكرِمُ بْنُ أحْمَدٍ لمَاذَا أخَرَّتَ حَبْسَهُ فَقَالَ وَيْحَكَ إنَّي أعرِف في