الأعلى، وصفة الله في كتبه التي تتلى؛ والسبيل في الآخرة إلى السعادة، وفى الدنيا إلى التجلة عادة؛ والذخر الذي قليله يشفع وينفع، وكثيره يعلي ويرفع؛ لا يغصبه الغاصب، ولا يسلبه العدو المناصب؛ ولا يبتزه الدهر إذا مال، ولا يستأثر به البحر إذا هال؛ من لم ينله فهو ذليل وإن كثرت آماله، وقليل إن جم ماله؛ وإن كان وقته قد فات اكتسابكم، وتخطى حسابكم، فالتمسوه لبنيكم، واستدركوا منه ما خرج عن أيديكم؛ واحملوهم على جمعه ودرسه، واجعلوا طباعهم ثرىً لغرسه؛ واستسهلوا ما ينالهم من تعب من جراه، وسهر يهجر له الجفن كراه؛ تعقدوا لهم ولاية عز لا تعزل، وتحلوهم مثابة رفعة لا يحط فارعها ولا يستنزل؛ واختاروا من العلوم التي ينفقها الوقت، ما لا يناله في غيره المقت؛ وخير العلوم علوم الشريعة، وما نجم بمنابتها المريعة؛ من علوم لسان لا تستغرق الأعمار فصولها، ولا يضايق ثمرات المعاد محصولها؛ فإنما هي آلات لغير، وأسباب إلى خير منها وخير؛ فمن كان قابلاً منها لازدياد، وألفى فهمه ذا انقياد؛ فليخص تجويد القرآن بتقديمه، ثم حفظ الحديث ومعرفة صحيحه من سقيمه؛ ثم الشروع في أصول الفقه، فهو العلم العظيم المنة، المهدي كنوز الكتاب والسنة؛ ثم المسائل المنقولة عن العلماء الجلة، والتدرب في طرق النظر وتصحيح الأدلة، وهذه هي الغاية القصوى في الملة؛ ومن قصر إدراكه عن هذا المرمى، وتقاعد عن التي هي أسمى؛ فليرو الحديث بعد تجويد الكتاب وإحكامه.
وأمروا بالمعروف أمرًا رفيقًا، وانهوا عن المنكر نهيًا حريًا بالاعتدال حقيقًا، واغبطوا من كان من سنة الغفلات مفيقًا، واجتنبوا ما تنهون عنه حتى لا تسلكوا من طريقًا؛ وأطيعوا أمر من ولاه الله من أموركم أمرًا، ولا تقربوا من الفتنة جمرًا، ولا تداخلوا في الخلاف زيدًا ولا عمرًا.
وعليكم بالصدق فهو شعار المؤمنين، وأهم ما أضرى عليه الآباء ألسنة