الحي العليم المدبر القدير، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير؛ أرسل الرسل رحمة لتدعو العباد إلى النجاة من الشقاء وتوجه الحجة في مصيرهم إلى دار البقاء، مؤيدة بالمعجزات التي لا تتصف أنوارها بالاختفاء، ولا يجوز على تواترها دعوى الانتفاء؛ ثم ختم ديوانهم بنبي ملتنا المرعية للهمل، الشاهدة على الملل، فتلخصت الطاعة، وتبينت له الإمرة المطاعة، ولم يبق بعده إلا ارتقاب الساعة؛ ثم إن الله قبضه إذ كان بشرًا، وترك دينه يضم من الأمة نشرا؛ فمن اتبعه لحق به، ومن حاد عنه تورط في منتسبه، وكانت نجاته على قدر سببه.

روي عنه صلوات الله وسلامه عليه أنه قال: «تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي: كتاب الله وسنتي، فعضوا عليهما بالنواجذ» .

فاعملوا يا بني بوصية من ناصح جاهد، ومشفق شفقة والد؛ واستشعروا حبه الذي توفرت دواعيه، وعوا مراشد هديه فيا فوز واعيه؛ وصلوا السبب بسببه، وآمنوا بكل ما جاء به مجملاً أو مفصلاً على حسبه، وأوجبوا التجلة لصحبه؛ الذين اختارهم الله لصحبته، واجعلوا محبتكم إياهم من توابع محبته؛ واشملوهم بالتوقير، وفضلوا منهم أولي الفضل الشهير؛ وتبرؤوا من العصبية التي لم يدعكم إليها داع، ولا تع التشاجر بينهم أذن واع، فهو عنوان السداد وعلامة سلامة الاعتقاد؛ ثم اسحبوا فضل تعظيمهم على فقهاء الملة، وأئمتها الجلة؛ فهم صقلة نصولهم، وفروع ناشئة عن أصولهم، وورثتهم وورثة رسولهم؛ واعلموا أني قطعت في البحث زماني، وجعلت النظر شاني، منذ يراني الله وأنشاني، مع نبل يعترف به الشاني، وإدراك يسلمه العقل الإنساني؛ فلم أجد خابط ورق، ولا مصيب عرق؛ ولا نازع خطام، ولا متكلف فطام، ولا مقتحم بحر طام؛ إلا وغايته التي يقصدها قد فضلتها الشريعة وسبقتها، وفرعت ثنيتها وارتقتها؛ فعليكم بالتزام جادتها السابلة، ومصاحبة رفقتها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015